قتلى وجرحى هنا، أشلاء وبقع دماء هناك، تفجيرات انتحارية بحزام ناسف وآخر بعربة مفخخة تسفر عن سقوط العشرات من الضحايا...
يوميات ثقافة دموية حمراء يغذيها فكر متشدد وخطاب أسود لا تتضمن أدبياته المبهمة أية معان سوى مفردات من قبيل التفخيخ والتفجير والقتل، يحاول البعض من خلالها وعبر المرور فوق جسر من أشلاء الضحايا وبقايا أجسادهم الممزقة الوصول إلى تحقيق غايات ومآرب ما، أو فرض أجندة ووجهات نظر يعتقد بها هؤلاء من خلال إرهاب المجتمعات واستباحة دماء أبنائها.
... منهج في القتل لا يستثني طفلاً صغيراً أو شيخاً طاعناً في السن أو امرأة، ولا يفرق بين أهداف عسكرية مشروعة وأخرى مدنية أسواقاً شعبية كانت أو سرادق عزاء أو حتى موكب جنازة، في منهجية لسفك الدماء تتجلى فيها وحشية الميكافيللية البغيضة في أبشع صورها وأشدها قتامه، حيث الوسائل وإن كانت بشعة أو افتقرت إلى أية اعتبارات إنسانية أو ضوابط أخلاقية فلها على طول الخط ما يبررها من غايات ومقاصد مزعومة .. على النقيض تماماً مع المنطق السوي الذي لا يرى ذلك الحد الوهمي الفاصل بين الغايات ووسائلها، فالغاية النبيلة لا يعقل أن تطلب بغير الوسيلة النبيلة كذلك !!
... فمن هم هؤلاء باعة الموت بالمجان؟ وما الذي يسعون للوصول إليه ثم كيف يعقل أن يتوافر على الدوام ثمة من هو على استعداد تام لقتل نفسه بهذه الطريقة ليودي بأرواح الآخرين معه !!
أسئلة تتبادر إلى الأذهان للوهلة الأولى، كلما تناقلت الفضائيات الإخبارية لقطات ومقاطع من تلك التفجيرات الانتحارية ومشاهد مريعة للقتلى والجرحى والدماء.
نعم .. هي تساؤلات ملحة تبحث عن أجوبة مقنعة، لكن الذي يبعث على الأس بحق في كل تلك الأحداث والمشاهد التي يندى لها الجبين .. هو أن من يقفون وراءها هم ممن يزعمون انتمائهم إلى الإسلام، ذلك الدين الحنيف الذي يعطي للسلم الأولوية، فيأمر بالجنوح إليه كلما جنح له الآخر، ويشرع للحرب إن استحالت ضرورة قواعد وضوابط وأخلاقيات نهى معها عن استهداف من لا يحمل السلاح، وعن قطع الشجر وقتل البهيمة وإرهاب من يتعبد الله في دور العبادة مساجد كانت أو كنائس أو ديرا وصوامع تلك هي تعاليم الإسلام في الحرب مع العدو أياً كان.. فما بالك عندما يكون أغلب ضحايا تلك الأعمال الاجرامية ممن هم علي ملة ذلك القاتل
... فليكف هؤلاء أيديهم عن قتل الأبرياء باسم الدين، "فمن قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا".
محمد إبراهيم محمد