حيث تنخفضُ معايير الإنسانِ في تقويمه الإيماني لنفسه. ويتصوَّر أنه مادام قد اجتنب الكبائر وأدى الصلوات الخمس وصلى بعض الرواتب فقد وفى بحق المولى ! لكننا نتكلم هنا عن ( موسم عظيم ) و ( سباق ) وعن ( منافسة ) وعن ( أبواب جنة مفتحة ) وعن ( مردةٍ مصفدين ) .. نتكلم عن ( فرصةٍ ) تفوت وقد لا تتكرر ! في ظل هذا الواقع يغدو الحديث عن ( أقل ما يمكن ) وعن ( الحد الأدنى ) معيباً نوعاً ما .. ونقصا وتقصيرا .. نسأل الله العافية . لأن المنطق هنا هو منطق ( وماذا بعد ) ؟ ( ماذا أستطيع أكثر ) ؟ والمرءُ إذا فكَّر فقط في نعم الله عليه وإحسانه إليه لأدرك أنه لو أمضى ليله ونهاره شاكراً عابداً لما وفاه حقه ! وهو ما أدركه ذلك المَلَك الكريم الذي ورد بشأنه الأثرُ : ( لَمَّا اسْتَوَى عَلَى كُرْسِيِّهِ تَعَالَى خَرَّ مَلَكٌ سَاجِدًا، فَهُوَ سَاجِدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْتُكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُشْرِكْ بِكَ شَيْئًا، وَلَمْ أَتَّخِذْ مِنْ دُونِكَ وَلِيًّا ) .. فكيف يتصور أحدُنا أن قليلاً من الجهدِ كافٍ في حق المولى ؟ مرة أخرى أقول : نعم، هناك واجباتٌ هي الحدُّ الأدنى والإنسان بها ناجٍ بحول الله. ولكنّ رمضان هو مدرسة الحد الأقصى وليس مدرسة الحد الأدنى.
شاذلي الحَـنْكي