عقب الإعلان الرسمي والنهائي للقوائم الانتخابية لمرشحي الأحزاب السياسية التي ستخوض غمار السباق الانتخابي المقبل والمقرر في الثاني والعشرين من شهر فبراير الجاري، تتأهب هذه القوى السياسية في الساحة الوطنية والمتمثلة هذه المرة بالتحالف من أجل الأغلبية الرئاسية الحاكم وكتلة الاتحاد من أجل الإنقاذ الوطني التي تضم كافة أطياف المعارضة في جيبوتي، وحزب الوسط للديمقراطيين المتحدين لإطلاق حملاتها الانتخابية التي ستستمر لأسبوعين ابتداء من يوم غد الجمعة الثامن من فبراير.
وجاء إعلان وزير الداخلية حسن درار هفنه عن القوائم الانتخابية للأحزاب السياسية المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري حسبما كان متوقعا بعد أكثر من عشرة أيام، حيث قامت اللجان المعنية بالوزارة خلالها بدارسة وتفحيص هذه القوائم - التي تضم أسماء المرشحين لشغل مقاعد البرلمان المقبل البالغ عددها 65 مقعدا - للتأكد من تلبيتها لكافة الشروط المطلوبة طبقا للقانون المنظم للعمليات الانتخابية في جيبوتي.
وينص هذا القانون أيضا على تقديم هذه القوائم الانتخابية إلى المجلس الدستوري من طرف وزارة الداخلية بعد دراستها ليقوم بدوره بالمصادقة عليها وإعادتها مرة أخرى إلى الوزارة لإصدار إيصالات الموافقة النهائية عليها وتسليمها إلى قيادات الأحزاب المعنية.
استقطاب حاد
وكانت قيادات القوى السياسية المشار إليها قد بدأت منذ فترة وجيزة لقاءات تشاورية واجتماعات مكثفة كل على حدة تهدف إلى دراسة السبل والطرق الكفيلة بحشد التأييد والدعم لمرشحيها في قوائمها الانتخابية إضافة إلى المشاريع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ينبغي طرحها في المهرجانات واللقاءات الانتخابية التي ستعقدها طيلة أسبوعي الحملة الانتخابية لإقناع الناخبين الجيبوتيين ودفعهم إلى التصويت لصالحهم.
ويتوقع المهتمون بالشأن السياسي في جيبوتي أن تشهد الأيام القليلة القادمة استقطابا حادا لجماهير الناخبين - الذين يقدر عددهم الإجمالي بنحو 117402 ناخبا- بمختلف شرائحهم وطبقاتهم من خلال الحملات الانتخابية التي ستمتد من طول البلاد إلى عرضها.
ويرون أن الناخبين الجيبوتيين سيدلون بأصواتهم بكثافة في يوم الجمعة الثاني والعشرين من فبراير الحالي على خلاف ما كانت عليه الأحوال في المرحلة الماضية حيث دأبت المعارضة السياسية في البلاد إلى اتباع نهج المقاطعة ودعوة مؤيديها إلى عدم التصويت في مجمل الانتخابات احتجاجا على ما اعتبرته تجاهل الحكومة لمطالبها التي طالما رأتها الحكومة بأنها مخالفة للقوانين السارية المفعول الخاصة بالانتخابات.
ويتابع الشارع السياسي في جيبوتي هذا الاستحقاق الانتخابي السادس من نوعه منذ الاستقلال الوطني عام 1977 هذه المرة باهتمام كبير أكثر من أي وقت مضى، آملا بأن تتمكن البلاد من تجاوز هذه المرحلة الهامة من تاريخها بسلام وأمان، وأن لا يؤدي الاختلاف في الرأي بين القوى السياسية المساس بالثوابت الوطنية التي لا يمكن الإفراط فيها بأي حال من الأحوال.
الانتخاب المختلط
وما يميز هذه الانتخابات التشريعية عن سابقاتها أيضا دخول القانون الانتخابي الجديد القاضي باعتماد نظام الانتخاب المختلط حيز التنفيذ لأول مرة في تاريخ جمهوريتنا الفتية، ويحل القانون المذكور - الذي يتم في دورة واحدة ويستند إلى التمثيل النسبي في حدود 20% للقائمة التي تحصل على أكثر من 10% من جملة الأصوات المعبرة- محل قانون نظام الانتخاب بالأغلبية الذي تم تبنيه في استفتاء عام 1992 مع انتقال البلاد إلى مرحلة التعددية الحزبية.
وتسجل هذه الخطوة ضمن المساعي الرامية إلى إدخال إصلاحات جذرية على النظام الانتخابي في البلاد مما سينعكس إيجابا على مسيرة الديمقراطية، كما تندرج ضمن تعهدات رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله في كلمته بمناسبة الاحتفال بعيد الأضحى المبارك بمواصلة جهود إصلاح منظومة الحكم في جيبوتي من خلال إرساء قواعد الديمقراطية والحكم الرشيد بما يلبي طموحات الشعب ويستجيب لمطالبه المشروعة.
وفي كلمته تلك دعا فخامة رئيس الدولة مختلف القوى السياسية في الساحة إلى المشاركة بفاعلية في هذا الاستحقاق الدستوري، وتقديم رؤاها ومشاريعها السياسية إلى الناخبين الجيبوتيين، مؤكدا على التزام الدولة بالنهج الديمقراطي التعددي الذي اختاره الشعب عن قناعة، وقال إننا نحرص دوما على الوفاء بالاستحقاقات الديمقراطية طبقا لنصوص الدستور الوطني والعمل على تعزيز المشاركة الشعبية في العمل السياسي.
ومهما يكن من أمر فإن من الأهمية بمكان المحافظة على الأجواء الملائمة لسير العملية الانتخابية من قبل كافة الأطراف المعنية وأن تبقى صناديق الاقتراع هي الحكم أو الفيصل بين الكتل السياسية المتنافسة بقوة للسيطرة على مقاعد مجلس النواب الجديد بغض النظر عن توجهاتها السياسية انطلاقا من إرادة الشعب وما تفرزه المنافسة من نتائج لن يطول انتظارها بعد الانتهاء من عملية التصويت إلا قليلا.