عندما تستذكر حلاوة الماضي وتسترجع أحلام طفولتك ولحظات جميلة عشتها في حضن أمك وتستلهم عذوبة ألفاظ غنتها لك أمك وأفكار غرستها في رأسك لكن عندما تضطر إلي أن تتركها وتفرق الحياة بينك وبينها وتبعدك الظروف عنها ولا تملك سِوى أمنيات وآمال أن ترجع إلى ذاك الصدر الحنون ليضمك .. فإنها مكالمة لم يرد عليها
حينما تودع العزوبة وتغادر وحشتها إلى الأنس والشراكة وتدخل القفص الذهبي وتحمل في قلبك آمالاً عريضة في أن تنعم بالحياة الزوجية السعيدة لكن حين تكون تقديراتك خاطئة ويكون الحد الفاصل بين سعادتك وشقائك شريكة حياتك وتكون زوجتك عوناً للمصائب عليك .. حقاً إنها مكالمة لم يرد عليها
عندما لا يمنع العلم صاحبه عن الانحلال والانزلاق في الرذيلة ويكون الجاهل أتقى قلباً وأقوم منه سلوكاً .. فعلاً إنها مكالمة لم يرد عليها
حين يداهم الخطر الدِّين من رجال دِّين يسيئون فهمه وينحرفون عن تعاليمه ويفسرونه على هواهم ويتخذونه مهنةً .. طبعاً إنها مكالمة لم يرد عليها
حين تحاول أن تمسح الدموع التي سالت على خذ صديقك من أجل حبيب جفا عليه ولا تلقى تقديراً من ذلك الصديق وتمسح دموعك بنفسك وتبتلع مرارتك .. حقاً إنها مكالمة لم يرد عليها
حينما تكرس نفسك للإبداع في مجال معين وتشّمر ساعدك في سبيل ذلك وتتخرج عن ذلك الحقل وأخيراً تجد نفسك مجبراً علي أن تمتهن في مجال أخر وفي مهنة أخرى .. فتلك مكالمة أخرى لم يرد عليها
عندما تزاحم المرأة الرجل في مهنته وتنافسه في مجاله جميلُ أن تكسب عيشها وقوت أطفالها وتعتمد على نفسها لكن عندما تتعدى حدود الأدب وتخدش الحياء ولا تفرق بين الرجل والمرأة تُقبل وتعانق كلا الجنسين على السواء وتضيع معها كرامة الأسرة .. حقاً إنها مكالمة لم يرد عليها
عندما تبكي للحظة لم تستغلها بالشكل الأنسب وتأسف لفرص كثيرة أضعتها أنت بنفسك ولا تقدر أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتلقي اللوم على غيرك .. فتلك مكالمة أخرى لم يرد عليها
عندما تقتحم قلبك امرأة دون أن تحمل تأشيرة الدخول ودون إذن منك وتعزف لك علي وتر الحب وأنت لا تعرف السِباحة في محيطات الغرام ولا تقدر علي المراوغة في بحور الهِيام فتكون أمورك في حَيص بَيص .. فعلاً إنها مكالمة أخرى لم يرد عليها
حين ُيرزق أحدنا بزوجة صالحة تحفظ له سره وتصون له عرضه وتربي أطفاله وتكرم أهله وتطيع أوامره لكن حينما لا يجازي الرجل هذا الملاك الصغير بالمثل فضلاً أن يحترم مشاعرها يصاب بمرض فيراقب الحسناوات ويغرم بالأخريات ويطارد تلك الفتاة صاحبة العيون الخضراء والزرقاء .. إنها مكالمة لم يرد عليها
عندما تختلط الأمور ويصعب عليك أن تجد تفسيراً لأخلاق بعض الناس وتحديد مفاهيمهم ويستُر حُسن الخُلق كثير من السيئات ويغطي سُوء الخُلق كثير من الحسنات .. فتعتبر تلك مكالمة لم يرد عليها
لكن عندما تتعب أمك من أجل أن تكون رجلاً ويكون لك شأن بين العالمين وتحميك من العدو والصديق على سواء فتكبر في عينيها ويكبر حبك معها وفي أخر المطاف تقوم بتزويجك ويحدث ما لم يكن بحسبانها فتمنع زوجتك الفاضلة أن تدخل عتبة بيتك ولا تملك هي حيلة لتراك ولا أنت تملك الشجاعة لترد عنها ظلم امرأتك ..
فتلك مصيبة أخرى لم يرد عليها.
بقلم/ عبدالرزاق عمر جيلدون
خريج من الصحافة والإعلام