لله در هذا الإنسان البسيط تمر به الأيام تلو الأيام وتتعاقب عليه السنين وهو مشغول بأمور الدنيا وأحوالها وتقلبها بأهلها.. فهو تارة سعيد وصحيح فرح مستبشر، وتارة هو حزين ومريض عابس.. فلا تدع الأيام أحداً على حاله أبداً.. لدرجة أنه صار في الأمثال أنه (من سعد في هذه الدنيا بنفسه شقي فيها بغيره ) إما لهمه على حال أو مرض أحد أفراد أسرته أو أصدقائه أو عزيز لديه.. لكن يبقى الإنسان صابراً محتسباً على ما يلقى في دهره فإن العمر ساعات بل دقائق وثوان. بالأمس أسدل الزمن الستار على عام ميلادي تسارعت خطاه لتطوى صفحاته ولا يعود أبداً.. ليحل العام الجديد 2013 مؤملين لأن يكون عاماً سعيداً مليئاً بالخير وفي نفس الوقت مليئاً بالسلام ووحدة الصف والإنجازات العلمية لصالح البشرية ورقيها، ومليئاً أيضاً بالعبادات التي تقرب من الخالق توحيداً وتنزيهاً ومعرفةً وشكراً واستغفاراً يبلغ بها العبد الدرجات والمنازل العلا ـ فنسأله تعالى أن يجعلنا جميعاً أهلا لتلك الدرجات والخيرات..إلا أن في حياة الإنسان وقفة لابد أن نذكرها في هذه المناسبة.. هي بر الوالدين وصلة الرحم فعلى الأقل إن لم يكن الدعاء لهما في كل صلاة أو في كل يوم أو في كل شهر.. فالواجب أن نختم العام بالثناء والدعاء لهما بعد الله تعالى (أن اشكر لي ولوالديك) وكثيراً ما نغفل عن إسداء الشكر لهما كما أمر تعالى.. فأين حظ الوالدين بل أين حظ الأم الذي يعتبر رحمها هو أول وطن للإنسان وحضنها أصدق الأحضان وحنانها ينبوع لا يتكدر صفوه مهما اقترف الأبناء في حقها.. من صدق وسماح وصفاء وحب وأشواق وتضحية وإيثار.. فها قد طوى العام الماضي صفحاته معلناً رحيله بلا عوده، وهو يخبرنا بأن ما طواه من سجلات هي أعمالنا وإنجازاتنا وإخفاقاتنا وما إلى ذلك مما قيّد علينا في تلك الأيام الماضية.
أخيّ وصديقي القارئ لا أريد أن أخاطبك عن تأنيب نفسك على ما قصّرت في عامك الماضي ولم تنجزه، ولا عن الأيام السابقه التي ضاع كثير منها دون إيما فائدة تذكر، كل ذلك تعلمه أنت. ولكني أريد أن منك أن تنظر إلى الحياة نظرةً أخرى، نظرة كلها تفاؤل وأمل، وعمل دؤوب من دون كلل، ولاأقصد العصمة من الفشل، فما طريق النجاح سوى إصلاح الخلل، فكن ذا عزيمةٍ تصرع الملل، وفي ميادين التحدي تكن أنت القائد البطل.
قد تكون ممن خطط ونظّر لمسيرته في العام الماضي ولكنك وجدت أنك لم تنجز شيئاً، فيؤنبك ضميرك، ويضيق عليك عيشتك فتخيم سحابة اليأس عليك، ومن ثمّ تدخل في دوامة المعاتبه الغير مثمرة، فتورثك بذلك التعاسة والسآمة وبذلك تتقاعس عن معاودة الكرة في ميدان النجاح والارتقاء والرفعة والبعد عن الشقاء.
.. صـدقني .. لن يجد الإحباط عليك مدخلا يجعلك تتوقف عن عملك سوى ما مضى من الطريقة السلبية لمحاسبة النفس.
كن إيجابيًا في تعاملك مع ماقدر الله لك .. ولو كان فـشلاً، فهذا في الظاهر، فلا تقل : أنا لا أستطيع أن أستمر في أي عمل، أو أنجز شيئًا، أنا أعلم بنفسي، أنا منذ الصغر تربيت على ذلك ولا أستطيع التغييرولكن قل: إنّ فشلي في العام الماضي سيكون صقلاً لموهبتي، وخبرةً لي في حل مشكلاتي، وسأعتبر بما مضى، المهم أني حاولت، وسـأكـرر هذه المرة
وفي الختام هذه دعوة صادقة مني أوجهها لنفسي ثم للقارئ العزيز بأن يستهل ويستقبل هذا العام الجديد بالأمل والعمل معاً ، وعام جديد وسعيد وعمر مديد..
جمال أحمد ديني