مع اقتراب الموعد المحدد للاستحقاق الدستوري المقبل والمتمثل في الانتخابات التشريعية وتجديد مجلس النواب للمرة السادسة على التوالي منذ الاستقلال الوطني المجيد، وانقضاء الأسبوع الأول من أسبوعي الحملة الانتخابية ترتفع حدة التنافس والاستقطاب إلى أوجها بين القوى السياسية المتنافسة على مقاعد البرلمان الجيبوتي البالغ عددها 65 مقعدا.
ويحتدم سباق محموم بين كتلة الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية المنتهية ولايته في المجلس النيابي والذي يتكون من حزب التجمع الشعبي للتقدم، وحزب جبهة إعادة الوحدة والديمقراطية، والحزب الوطني الديمقراطي، والحزب الشعبي الاجتماعي الديمقراطي وحزب اتحاد أنصار الإصلاح، وبين ائتلاف الاتحاد من أجل الإنقاذ الوطني الذي يضم كلا من حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والعدالة والحزب الجيبوتي للتنمية وحزب تحالف الجمهوريين من أجل التنمية، كما يخوض غمار الاستحقاق النيابي المنتظر حزب الوسط الديمقراطي الموحد الذي يعد آخر حزب سياسي، إذ تأسس نهاية شهر سبتمبر من العام الماضي 2012.
نقاط مشتركة
هذا وتوسعت دائرة الحملات الانتخابية للتشكيلات السياسية الثلاثة منذ الأسبوع الأول لتمتد إلى مجمل المناطق طولا وعرضا، حيث يواصل كل تشكيل سياسي الليل بالنهار على مدى أسبوعين من أجل ترجيح كفة مرشحيه في صندوق الاقتراع يوم الثاني والعشرين من فبراير الجاري الذي سيقرر فيه الجيبوتيون من يسندون إليه صلاحيات السلطة التشريعية خلال السنوات الخمسة المقبلة.
وتلتقي هذه القوى السياسية عند نقاط من أبرزها دعوة المواطنين الذين يحق لهم التصويت إلى سحب بطاقات الاقتراع من مراكز توزيعها قبل فوات الأوان والمشاركة بفاعلية في العملية السياسية بكثافة وعدم التفريط في تأدية الواجب الوطني- الانتخاب -
كما تلتقي عند نقطة التمسك بالثوابت الوطنية وفيما مقدمتها الحرص على اللحمة الوطنية والمحافظة على سيادة البلاد فضلا عن الأمن والاستقرار الذي تتمتع به رغم وقوعها في منطقة متوترة تعصف بها الصراعات السياسية بين الفينة والأخرى.
ومع توسع رقعة الحملات الانتخابية يرتفع سقف التعهدات التي يقطعها كل فصيل سياسي على نفسه - أمام مؤيديه- لتحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالبلاد، وتوفير الخدمات الأساسية لكافة شرائح المجتمع والارتقاء بالوطن في جميع المجالات.
ويستغل مرشحو القوائم المختلفة التي ستخوض غمار السباق الانتخابي المرتقب اللقاءات الانتخابية الحاشدة المبرمجة ليتقدموا بوعود مختلفة لمناصريهم والمتعاطفين معهم تتعلق بتلبية احتياجاتهم ومطالبهم المشروعة وإحداث نقلة نوعية لا تستثني قطاعا أو مجالا معينا في حال حصلوا على ثقته الناخبين لشغل مقاعد البرلمان المقبل، وهي وعود قد يستلزم تحقيق بعضها على ارض الواقع إلى جملة من الالتزامات والعوامل التي يصعب جمعها في مدة وجيزة.
حوارات ساخنة
ويلاحظ أن الجيبوتيين يولون اهتماما -منقطع النظير - لهذه الانتخابات التشريعية حيث صارت شغلهم الشاغل يوميا، ويظهر ذلك جليا في المناقشات المفتوحة والحوارات الساخنة التي تجري على متن حافلات النقل العام أو في المقاهي أو في المبارز على سبيل المثال لا الحصر.
وينقسم المتحاورون في أغلب الأحيان إلى من يؤيد كتلة الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية ويتغنى بمسيرتها المديدة ويرى أن على الناخبين أن يعطوا ثقتهم لمرشحي الكتلة لاستكمال مشوار النهضة والعمران بعد أن تكللت- في نظرهم- جهود المرحلة الماضية بالنجاح وتوجت بانجازات كبيرة طالت جميع الجوانب مما رفع شأن جمهوريتنا الفتية...، وبين من يقف في الصف الآخر ويؤيد المعارضة الداعية إلى التغيير الذي يحقق آمال الأمة وتطلعاتها من تنمية وعدالة اجتماعية وفرص عمل للمؤهلين... وفق رؤيتها.
وينتقد هؤلاء أداء التحالف الرئاسي في كافة الأصعدة الذي لم ينعكس-في نظرهم- إيجابا على حياة المواطنين وتحديدا البسطاء الذين يشكلون السواد الأعظم في المجتمع.
ويرى المتابعون للمشهد السياسي في الساحة الوطنية أن عددا كبيرا من الناخبين الجيبوتيين قد اتخذوا قرارهم المبدئي بشأن الحزب الذي سيصوتون له في الجمعة بعد القادم بإذن الله، فيما لا يزال آخرون مترددين بعض الشيء بخصوص مصير أصواتهم لعدم تمكنهم من التعرف بعمق على البرامج الانتخابية للقوى المتنافسة أو انشغالهم بهمومهم اليومية التي ربما لا تفسح لهم المجال لتأييد حزب ضد آخر..
والى حين إجراء الانتخابات التشريعية في الثاني والعشرين من الشهر الحالي تبقى الآمال العريضة الخيط الرفيع الذي تتمسك به قيادة كل طرف من أطراف هذه المعركة الانتخابية التي يصفها البعض بأنها الأشرس من نوعها منذ انطلاقة مسيرة التحول الديمقراطي في البلاد وتبني نظام التعدد الحزبية عام 1992.
ومهما يكن من أمر فمن الصعوبة بمكان التكهن بما ستسفر عنه هذه الانتخابات من نتائج، خاصة عقب هذا الصراع المرير والاستقطاب الحاد لجماهير الناخبين بين التكتلات السياسية في الساحة الوطنية عبر الحملات الانتخابية، ولعدم توفر مراكز لإجراء استطلاعات الرأي، مما يحتم على الجميع انتظار ذلك اليوم المشهود- الجمعة بعد القادم- ولو بفارغ الصبر، وإن غدا لناظره قريب .
محمد عبد الله