في منتصف النهار يبدأ الجسد في إثارة كل الخلايا، فيحث صاحبه على الاسراع للبحث عن القات، وعند التخزين تجده في مشهد مثير .
ومما يثير الدهشة أكثر أن القات أصبح هو المسير والمشكل لحياة مجتمعاتنا في حين ان شعوب العالم هي التي تشكل حياتها كما تريد وبالصورة التي ترغب فيها.. ولوتمعنا بالنظر قليلا لوجدنا ان كل شي يسخر من اجل القات فمثلا شكل البناء يجب ان يكون معدا لإقامة جلسات القات من خلال بناء غرف خاصة للقات(مبرز) مما يؤدي الى انقطاع جزء من البيت للقات، أثاث البيت يجب ان تتلام مع مجالس القات، نوع الأكل يجب اختياره حتى تتناسب مع حرارة القات حتى الملابس يجب ان تكون مخصصة لمجالس القات..مستوى المعيشة يجب ان يكون للقات الكلمة الفاصلة في تحديدها..
وامتدت مصائب القات الى بلاد الغرب عن طريق المغتربين من شعوبنا الذين هاجرو الى تلك البلاد ، و بدل ان يستفيدو من خبرات هذه الدول ومجتمعاتهم وينقلوا اليهم ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة قامو بتسدير القات ومصائبه اليهم فافسدو البلاد والعباد وأصبحو عالَة على هذه المجتمعات..وتعالت الصيحات المنادية بحظر استهلاك القات واستيراده الى بلادالغرب..
ففي هولندا بعد ان تسبب تخزين القات واستيراده الذي يتركز في اوساط الجالية الصومالية المقيمة هناك مشاكل كثيرة بالإضافة الى ضغوط أوروبية قوية أصدرت الحكومة الهولندية حظر استهلاك القات واستيراده للبلاد.. ويقول وزير الهجرة والإندماج الهولندي "ان المهاجرين الصومالين هم الذين يعانون الآثار السلبية لاستهلاك القات، عشرة في المائة من الرجال الذين يمضغون القات ينتهون للمعانات من مشاكل خطيرة وانه يؤدي بمستهلكيه الى حالة من الخمول يتعذر فيها على الرجال تحمل مسؤلياتهم ويفقدون الرغبة في التعامل مع الهيئات الحكومية ولا يعتنون بأسرهم بالقدر الكافىء و نحن لن نسمح باستمرار هذا الوضع"..
وكانت هولندا هي البلد الأوروبي الوحيد الذي يسمح باستهلاك القات لذلك أصبحت مركز لاستيراده، وكانت تصل المطارات الهولندية أربعة طائرات محملة بالقات أسبوعيا من عدة دول افريقية . ويتدفق على مدينة اوتهورن حيث المركز الرئيسي لتجارة وتوزيع القات قريبا من مطار سخيبهول في أمستردام عشرات الصوماليين والأفارقة من هولندا ودول أوروبية أخرى. و يقول عمدة مدينة أوتهورن الهولندية وهو يشكو من الإنزعاج و المتاعب التي يسببها تجار القات "اذا كنت مهتما بتطوير مدينتك كمنطقة صناعية فلن تشعر بالإرتياح للتجمع الكبير الذي يحدث هنا اربعة مرات في الأسبوع من مستهلكي القات وتجار القات الذين يتصرفون بشكل غيرلائق في بعض الأوقات"
الكل يعلم أن المخدرات جريمة تطاردها العدالة، أما ان يكون هذا المخدر الأخضر الذي يساوي بين الإنسان والحمار أسلوب حياة وثقافة شعوب لايقترب منه الدين والقانون في بلادنا فهو لغز كبير..أي اهانة تلك التي اقنعت شعوبا بكاملها أن هذا المخدر لا يصطدم بالدين والأخلاق والإنسانية؟.. القات اشد ضررا من الحروب..يطلب احدنا رشوة لكي يتمكن من تسديد نفقات هذا السم القاتل، ويلغي القات الزمن من متعاطيه، وتتسع دائرة العجز الجنس ويكشف الأطباء أمراضا في الجسد النحيل لم يعرفو عنها من قليل..وحدث ولا حرج.
فيصل مختار
Minnesota, USA