بعد ترقب يملؤه الحماس وانتظار بفارغ الصبر احتفل الجيبوتيون الليلة الماضية في العاصمة وفي المحافظات على حد سواء - كبقية المسلمين في شتى أنحاء العالم - بمناسبة ذكرى مولد النبي الأكرم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ،والتي تصادف الثاني عشر من شهر ربيع الأول كل عام حسب التقويم الهجري.
وللجيبوتيين طريقتهم الخاصة لإحياء هذه المناسبة الإسلامية العظيمة، يعبرون من خلالها محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم ورفضهم الشديد لأي أساة تستهدف شخصه الكريم أو تنال من الرسالة السماوية التي جاء بها حين بعثه ربه شاهدا ومبشرا ونذيرا.
فقبل حلول الذكرى بأيام يتم تشكيل لجان شبابية في كل حي يشرف عليها أحد الأعيان، ثم تنطلق حملة لجمع التبرعات- وهي عبارة مبالغ مالية - يدفعها المستطيعون من سكان الحي ليتم صرفها في شراء الأطعمة والمشروبات التي تقدم إلى المحتفلين بقدوم المولد النبوي الشريف.
وتقوم اللجنة المكلفة بتنظيم الاحتفال في كل حارة بإقامة سرادق أو تهيئة ساحات بالقرب من المساجد لتحتضن فعاليات الحفل التي تمتد حتى وقت متأخر من الليل.
وتتخلل الحفل كلمات ومواعظ دينية يلقيها العلماء والشيوخ تنصب في مجملها حول أهمية هذه المناسبة القيمة التي تطل علينا سنويا في مثل هذا اليوم المبارك لتنتشل الكثيرين منا من غياهب الظلمات ودنيا الغفلة وسجون النسيان، وتعيدنا من جديد إلى عصر الرسالة المحمدية لنعيشها ولو للحظات معدودة .
أمسية استثنائية :
وإلى جانب هذه المواعظ تقدم قصائد شعرية وأناشيد في المديح النبوي معروفة في جيبوتي، كما توزع الأطعمة والمشروبات على المشاركين في المناسبة وعلى الفقراء والمساكين من أبناء الحي وغيرهم فيسعد الناس جميعا ويشكرون ربهم على أن من عليهم بأن جعلهم أتباع خاتم الأنبياء واشرف المرسلين ورحمة الله للعالمين،محمد صلى اله عليه وسلم .
ويلاحظ بأن الجيبوتيين رجالا ونساء يتفاعلون بكل حماس مع هذه الأمسية الدينية ويعتبرونها أمسية استثنائية بامتياز كما يرى ذلك مهد شريف الذي ينتسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام .
ويصر شريف على ضرورة الاحتفال بهذا الحدث الكبير -المولد النبوي- لإحياء محبته صلى الله عليه وسلم في قلوب المسلمين، خصوصا في هذا الوقت الذي اختلط فيه الحابل بالنابل ، وانسلخ الناس أو كادوا أن ينسلخوا - إلا من رحم الله- من القيم الإنسانية النبيلة التي دعا إليها هذا الرسول الكريم.
ويقول شريف إن الدول الإسلامية قاطبة تحتفل بأعيادها الوطنية سنويا - بشكل منقطع النظير- وتقوم بتعبئة كافة مواردها وإمكاناتها المادية والبشرية تعظيما لشأن هذه الأيام، لآتها استقلت وتحررت من طغيان الاستبداد ومن اضطهاد الاستعمار البغيض ، كما تحيي الأيام والعالمية ،مضيفا أن إحياء ذكرى مولد معلم البشرية أولى وأوجب.
وفي غضون هذا الحفل البهيج يستمع المشاركون فيه بشغف مواقف من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام منذ نشأته مرورا بمراحل الدعوة وإقامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة، وحتى التحاقه بالرفيق الأعلى تاركا لأمته المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك .
رأي مختلف:
وعلى الرغم من أن أحدا لا يعارض في الحقيقة إحياء هذه الذكرى العطرة لميلاد معلم البشرية في جيبوتي إلا أن هناك تباينا في وجهات النظر والآراء حول السبل المثلى لإحيائها.
فهناك من يرى بأن تجاوزات عدة تحدث في غضون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وفي رأي هؤلاء- بعض المثقفين والسلفيين- فإن هذه المناسبة لا تستدعي ضرب الدفوف ولا الاختلاط والسهر طوال الليل ثم ضياع فريضة الصبح.، بقدر ما تتطلب التمعن في الرسالة العظيمة التي جاء بها الرسول وتقييم الفرد لنفسه مدى التزامه بمقتضيات هذه الرسالة وحث الناس على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم قولا وعملا.
محمد عبد الله