حيثما وجّهتَ نظرك إلى طول البلاد وعرضها ، رأيت هذه التجمعات من فئات الشعب عند هذه المنصة المؤيدة لهذا الحزب أو لذلك، وبالرغم من التنافس الشديد في العرس الانتخابي الذي مضى عليه أسبوعان كاملان تقريبا إلا أن المتأمل في تلك الحملات الانتخابية وما صاحبها من جدل ونقاش ودعاية يلحظ قاسما مشتركا عند جميع المتنافسين على اختلاف مشاربهم السياسية ومرجعيتهم الفكرية هذا القاسم المشترك الذي لحظتُه لدى الجميع هو ِشعار : " باب الخروج إلى المستقبل " أما الآلية الذي ركّز عليها المرشحون من الأجل الوصول إلى " باب الخروج إلى المستقبل " كان هو (التغيير) فهذه الانتخابات من بين كل ما عشناه من انتخابات هي انتخابات مختلفةٌ، انتخابات نستطيع أن نسميها بحق انتخابات التغيير- التغيير نحو الأفضل - والتغيير ـ أيها السادة ـ ضرورة دينية .. وفطرة إنسانية.. وحاجةٌ حياتيّة.. ضرورة دينية لأنَّ الإسلام في حد ذاتِهِ أكبرُ تغيير في حياة الإنسان عندما ينتقلُ من كفرٍ إلى إيمان . والكثير من المفاهيم الإسلامية هي مفاهيم تغييرية فمفهوم التوبة مفهوم تغييري يتغيّر به الإنسان من المعصية إلى الطاعة، ومفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفهوم تغييري يتجاوز به الإنسان تغيير نفسه إلى تغيير مجتمعِهِ الخ .. وكما أن التغيير ضرورة دينية فهو كذلك فطرةٌ إنسانية. تأمل نفسك في جانبك الإنساني .. جسدك يتغير، خلاياك تتغير وتتجدد، شعرك يتغير، كثيرٌ من تفاصيل جسدك، مشاعرك أيضا تتغير من وقت لآخر، أفكارك مفاهيمك قناعاتك مع الزمن .. إنها تتغير بشكل طبيعي وتلقائي. إنّ التغيير مفروض عليك في جوانب كثيرة .. وبقي الجانب الاختياري جانب السلوك .. عليك أن تتخذ قرارك ألتغييري الإيجابي فيه لتكون أكثر تناسقاً مع فطرتك الإنسانيّة.
ثمّ إن التغيير أيضا حاجةٌ واقعيّةٌ ..انظر إلى نفسك .. إلى أسرتك .. إلى مجتمعك .. إلى دولتك .. إلى أمتك ..أيمكن لنا أن نخطو أي خطوة للأمام إذا لم نغير في حياتنا أي شيء مطلقا ؟! إن الله سبحانه قد ربط التغيير بالتغيير ..( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .. لهذا مَنْ يتثبّط عن مجرى التغيير يكون كَمَنْ حكم على نفسه بالسير نحو الاتجاه الواحد الذي لا عودة فيه وهو " باب الخروج من المستقبل"! وليس " باب الخروج إلى المستقبل " ومع كل الاختلافات في الرؤى والتوجهات والبرامج وأحيانا من الهجوم والتراشق بالكلمات ــ والهمز واللمز .. ! ــ إلا أنّ الذي رأيتُه في الحملات الانتخابية في الأسبوعين الماضين كان شعارا .. وقاسما مشتركا .وحباّ صادقا لدى المتنافسين جميعا لهذا الوطن الغالي جيبوتي .. وأننا نركب سفينة هذا الوطن الذي يجب علينا أن نحافظ عليها ونرعاها ونحميها من الغرق أو من أي سوء ونقودها نحو التنمية وذلك بالتغيير والإصلاح والتجديد.
شاذلي الحنكي