لقد خلق الله آدم واستخلفه في الأرض ليعمرها وهيأ له بيئة نظيفة خالية من التلوث ولكن أبناء آدم على مر العصور لوثوا البيئة المحيطة بهم عن قصد أو عن غير قصد فمنذ أن عرفوا النار استخدموها لأغراضهم مثل الطهي وصهر المعادن والإنارة والتدفئة وحرق الغابات وما إلى ذلك بدأت البيئة المحيطة بهم تتلوث ولكن هذا التلوث كان محدوداً لا يتعدى المحيط الذي يعيشون فيه وسرعان ما تنقي البيئة ذاتها .
ومع التطور الصناعي والمدنية بدأ التلوث البيئي يشكل خطراً على صحة الإنسان وحياته .
وفي حوالي 1960 بدأ الانتباه لظاهرة تلوث البيئة يأخذ طريقاً جدياً . وذلك لوجود أدلة تشير إلي أن تلوث البيئة بدأ يأخذ شكلاً حرجاً يهدد جميع الكائنات على سطح الكرة الأرضية .
ومن الجدير بالذكر الإشارة إلي أن الحياة المدنية أصبحت تقطع أو تعيق دورة الحياة آنفة الذكر وهو ما يعرف بصناعة الإنسان المواد السامة وإلقاءها في دورة الحياة والتى سوف تلوث البيئة وتسممها ويرتد أثرها الضار عليه .
مثال ذلك استخراج الإنسان البترول من الأرض واستخدامه كوقود للسيارات والآلات الأخرى مخلفاً غازات كيميائية سامة أو ملوثة في الهواء وهو ما يعرف بتلوث الهواء .
ومثال آخر استخدام الإنسان الزئبق لأغراض عديدة مثل صناعة الدهانات وبعض الصناعات الصيدلية ، وألقى الزئبق أو فضلاته في البيئة وتنتقل بعدة طرق إلى الهواء والماء والتربة محدثاً أضراراً جسيمه للإنسان عندما يتعرض لهذه البيئة الملوثة .
ويعتقد أن المشاكل البيئية هي خلاصة ثلاث تفاعلات أو تداخلات : ــ
الزيادة في استخدام المنتجات والتقنية التى تولد تلوثاً كثيراً.
سوء استخدام الموارد
زيادة معدل النمو السكاني
وإذا كانت البيئة كما هي معروفة كل ما يحيط بالإنسان من مكان ومسكن و.. .. بيئة عديدة لا يسعنا المجال هنا حصرها ، ولذلك ، فإنه في عصرنا الحديث ، قد أصبحت الملوثات البيئية متعددة الجوانب ومتشعبة النواحي ، والأمثلة هنا كثيرة كما سبق أن ذكرناه آنفاً ، وعلى صعيد آخر ، فالأدخنة الكثيفة والغازات الضارة ورمي القاذورات والأوساخ والمخلفات والتي أصبحت ضارة للبيئة الإنسان ، كذلك أصبح الدخان وما يعرف بالتبغ أيضاً ضاراً للبيئة ، وإنطلاقاً من هذا الأمر ، أصبح الشغل الشاغل للمجتمع الحاضر حماية البيئة ومراعاتها والحد من المسببات الضارة لها ، لذلك فقد اصدرت العديد من القوانين والآليات الممكنة والفعالة للقضاء الحد من ظاهرة تلويث البيئة حيث عمدت الدول والحكومات الحاضرة إلى سن تشريعات وقوانين تحدد مفهوم البيئة وتعريفها بهدف ايجاد حلول ممكنة لمشكلات البيئية العديدة أسوا التي تضر حياة الكائن البشري ، يبد أن هذه الآليات تختلف من بلد إلى آخر وذلك وفقاً لتوفر التقنيات والتكنولوجيات الحديثة التي وضعت في هذا المجال ، كما شرعت ووضعت الحكومات عقوبات وجزاءات تحد المسببات الضارة للبيئة وللأشخاص غير الواعيين وغير المهتمين بالمحافظة على البيئية ، وانطلاقاً من هذا الأمر ، فإنه على سبيل المثال وإن كانت المسببات الضارة للبيئية عديدة كما سبق ، فإنه قد تم سن قوانين تمنع وتحد من ظاهرة تدخين التبغ وما يصاحبه في الاماكن العامة كالحافلات العامة والأماكن المغلقة وأماكن تجمعات الأفراد ، إذ وضعت لا فتات منقوش عليها عبارات ممنوع التدخين ، و ومن هذا المنطلق ، ونحن إذ نتحدث عن البيئة وحمايتها كوجه عام ، فإن المحافظة علي البيئة تستوجب على الجميع حشد كافة الإمكانيات والموارد المتاحة حتى نتمكن من حمايتها من كافة الملوثات نتمكن وإنطلاقاً من هذا ، فإنه ينبغي الحد من ظاهرة اللامبالاة التي أصبحت بدون أدنى شك ظاهرة غير صحية ملفتة يعاينها الجميع ، وبالتالي ، فإن الأدوار التي يمكن أن يلعبها المجتمع تتفاوت حسب الطاقات المتوفرة ، ومن هذا المنطلق فإن الحكومات وحدها بدون مشاركة المجتمع المدني لا يمكنها أن تحقق أهدافها في مجال حماية البيئة وبالتالي ، فإن الجمعيات الأهلية الوطنية ملزمة في عصرنا الحالى بكونها تمثل المجتمع المحلي أن تقوم بدورها في هذا المجال على أكمل وجه ، وذلك من خلال عقد اجتماعات ندوات وورش عمل إعلامية وتوعوية تستهدف عملية حماية البيئة من كافة القاذورات ومسبباتها ، والتي أضحت ظاهرة تهدد بيئة الإنسان ، لذا أصبحت هذه الجمعيات ملزمة بحشد طاقاتها ومواردها من أجل حماية البيئة والحد من ظاهرة تلويثها وذلك من خلال وضع أجندة وبرامج مدروسة هادفة إعلامية وتوعوية تستهدف شرح الكيفيات والوسائل التى من خلالها تتم عملية الحد والقضاء على ظاهرة تلوث البيئة ، وإيجاد بيئة نظيفة وخالية من المسببات الضارة للحياة ، وأخيراً وليت آخراً ، فإن المؤسسات التعليمية والتربوية ، قد أضحت ملزمة في القيام بأدوار عديدة في مجال حماية البيئة ، وذلك من خلال غرس ونشر القيم النبيلة في نفوس الأبناء والحث على أهمية النظافة والبيئة ، من خلال نشر ثقافة البيئة عبر تنظيم حصص ودروس توعوية مدروسة تستهدف توضيح مفهوم البيئة وتعريفها وعملية حمايتها من التلوث ، وفي النهاية فإنه لا يسعنا إلا أن نؤكد بأن حماية البيئة ، وتحقيق أهدافها ، مسؤولية كل مواطن وواجب وطني في المقام الأول ،

بقلم /
درار إدريس اللاله