حينما يجرد المناضل في سبيل قضية عادلة ما .. من السلاح الذي يدافع به عن نفسه وعن قضيته التي يكافح من أجلها ..
وعندما يزج به خلف قضبان المعتقلات أسيراً في يد عدوه المحتل لأرضه ، الغاصب لحقوقه في العيش فيها .. في زمن أغبر تشوشت فيه المفاهيم، وانقلبت فيه المواثيق الإنسانية ، والقيم الحضارية الراسخة رأساً علي عقب ؛ ليستحيل الجناة المعتدون إلى ضحايا تتنكر بقناع البراءة في حفلة تنكرية سخيفة يتحول فيها الضحية الحقيقي الذي يحاول تحرير أرضه وانتزاع حقوقه المسلوبة ــ برسم الحاضرين ، ورغم أنف قرارات الشرعية الدولية بأممها المتحدة ــ إلى جان ومجرم ، وإلى إرهابي قذر لا ينبغي التعامل معه ومع مطالبه المشروعة سوى بالقوانين والمحاكم الاستثنائية أو الأحكام العرفية اللإنسانية !!
وفي زمن الجور هذا ؛ وعلى خشبة مسرحه الهزلي الأسود .. حين لا يتبقى في يد ناشط معتقل أو اسير أعزل ــ إلا من جسده ــ أية أسلحة أو ذخيرة ؛ فإنه يتخذ من جسده ذلك القابع خلف قضبان الحديد بندقية ورصارصاً يطلقه في وجه سجانه المحتل للأرض وللحرية ولحقوق شعب بأسره .
هي ملحمة صمود وتحد ، ومعركة إرادة يخوضها ذلك الأسير المضرب عن طعامه على جبهتين ؛ جبهة مع عدوه السجان وبغيه وجبهة أخرى مع الجسد الذي لا يعرف المنطق .. ليقنعه بأن الواجب أهم من الوجبة ، وبأن الكرامة ثمنها الجوع القهري والحرمان القسري من أبسط الحقوق الآدمية في المأكل والمشرب .
سبعة أشهر ونصف قضاها الأسير الفلسطيني سامر العيساوي مضرباً عن الطعام احتجاجا منه على إعادة اعتقاله تعسفياً من قبل قوات الاحتلال الصهيوني بموجب قانون الاعتقال الإداري التعسفي بعد أن كان قد أفرج عنه في عملية لتبادل الأسرى مع حركة حماس في وقت سابق من العام الماضي .
سبعة أشهر ونصف هي في كل يوم منها بل وفي كل ساعة .. امتداد مستمر لنضالات الإنسان الفلسطيني وكفاحة المرير في سبيل انتزاع حقوقه المسلوبة سواءا أكان في داخل المعتقلات أو كان خارجها ، ولا فرق أكان في الأرض المحتلة أو حتى هناك في المهجر. في زمن ازدوجت فيه المعايير والمكاييل ، وبدت فيه سوءات ما يسمى بالمجتمع الدولي بمجلس أمنه المزعوم الذي تجلي حوله المقيت وعهر خطاباته المتغنية بحقوق الإنسان ، وبكل الشعارات الجميلة الجوفاء !!
محمد إبراهيم محمد