على الرغم من الأزمات المالية والاقتصادية العالمية المتتالية التي ألقت بظلالها على اقتصاديات الدول الصاعدة والنامية معا، عرفت جمهورية جيبوتي تزايدا مطردا في عدد شركات تحويل الأموال والصرافة خلال العقد الأخير وتحديدا انطلاقا من العام 2000م.
وقد انعكس انتعاش الحالة الاقتصادية التي شهدتها الدول الأوروبية في غضون السنوات التي سبقت الأزمة المالية إيجابا على أداء هذه الشركات، بحسب خبراء في قطاع المال والأعمال.
وتحتضن جمهورية جيبوتي في الوقت الراهن حوالي 18 فرعا لشركات - بعضها عالمية- تعمل في قطاع تحويل الأموال والصرافة من مثل حوالات عُصب، ذهب شيل،إرمان، كاه، جوبا، أمل ومستقبل، لكن أغلب هذه المؤسسات مملوكة لأجانب يقيمون خارج البلاد من صوماليين وعرب.
إقبال كبير
وتتمتع هذه الحوالات باعتراف رسمي من قبل البنك المركزي في جيبوتي يمكنها من مزاولة أعمالها بطريقة قانونية بعيدا عن الأنشطة المالية غير المشروعة كغسيل الأموال أو تمويل مشاريع غير قانونية.
وتعمل أغلب هذه الشركات في مجال تحويل الأموال والصرافة فقط إلا أن البعض منها بدأ في الآونة الأخيرة الاستثمار في قطاعات أخرى من مثل المواشي (نفط المنطقة) والمواد الغذائية الأساسية كحال شركة عصب لتحويل الأموال والصرافة التي يقع مقرها الرئيسي وسط جيبوتي العاصمة.ولمراعاة المصالح المشتركة والتصدي لكافة أشكال التنافس غير الشريف تم إنشاء نقابة تضم في عضويتها مجمل هذه الحوالات العاملة في جيبوتي وذلك في العام 2010.
وتشهد هذه الحوالات إقبالا كبيرا من الجيبوتيين والأجانب المقيمين في البلاد والذين يستلمون منها الأموال المرسلة إليهم من قبل ذويهم المغتربين في الولايات المتحدة والدول الأوروبية فضلا عن العالم العربي، مما يساهم في تحسين ظروفهم المعيشية في ظل الأوضاع المعقدة نتيجة ارتفاع تكاليف الحياة اليومية.
وتلعب هذه الشركات دورا رائدا في ربط المقيمين في الخارج بأسرهم وأقربائهم في الداخل الجيبوتي كما تعد من أهم القطاعات الاقتصادية في بلد مثل جيبوتي لما تلعبه من دور في إنعاش الاقتصاد وجلب العملة الأجنبية الصعبة التي تحتاج إليها البلاد.
مدة وجيزة
قلصت هذه الحوالات من جهة أخرى نسبة العاطلين في جيبوتي من خلال اكتتاب وتوظيف أعداد كبيرة من الشباب المؤهلين الذين لم يتسن لهم الانخراط في المؤسسات الحكومة أو إقامة مشروعات خاصة بهم، مما كان له عظيم الأثر في جهود محاربة الفقر وخفض نسبة البطالة في صفوف الشباب.
ويرى خبراء أن من أهم مميزات هذه الحوالات سرعة إيصال الأموال إلى المرسل إليه أو المستفيد منها في زمن وجيز مقارنة بالبنوك التي تستغرق فيها عملية الإرسال لفترة أطول نظرا للإجراءات المتبعة ، كما أن البنوك لا تتواجد في المدن والبلدات البعيدة على خلاف الحوالات. ومن الحوالات الجديدة التي ظهرت مؤخرا على سبيل المثال شركة عصب لتحويل الأموال والصرافة والتي تعتبر أول حوالة وطنية تطلق أنشطتها من التراب الوطني ابتداء من العام 2011 بحسب مديرها العام السيد/ مهدي أحمد شره الذي أكد في حديث " للقرن" على ازدهار قطاع الحوالات في جيبوتي منذ العام 2000م.
وأضاف شره إلى أن شركته -التي ترفع شعار: الصدق والأمانة والسرعة- معترفة من قبل البنك المركزي حيث وضعت لديه ضمانا ماليا بقيمة خمسين مليونا من الفرنك الجيبوتي طبقا لشروط إنشاء الحوالات في جيبوتي، ولها نظام أساسي على غرار بقية الشركات المماثلة وأن لديها فروعا في شتى أنحاء العالم كأمريكا وأوروبا واستراليا والدول العربية، بينما يقدر عدد العاملين فيها بأكثر من مائة موظف وعامل يتقاضون مرتبات مناسبة.
وأكد أن الشركة - ومقرها الرئيسي في جيبوتي - تشهد إقبالا كبيرا من قبل الجيبوتيين الذين يرسلون أو يتسلمون الأموال، موضحا أن المستفيدين من خدمة الحوالة يحصلون على المبالغ المرسلة إليهم في فترة قصيرة جدا قد لا تتعدى دقائق معدودة إذ تستخدم الشركة التكنولوجيا الحديثة وخدمة (أون لاين) في كافة عمليات التحويل.
ولفت شره إلى أنشطة حوالة عصب لم تعد تقتصر على تحويل الأموال والصرافة فقط، لكنها امتدت لتشمل الاستثمار في قطاع المواد الغذائية كما "أنهم يسعون إلى أن تصبح الشركة في قابل الأيام مؤسسة مصرفية(بنك) والتوسع في مجال الاستثمارات ما أمكن.
محمد عبد الله