غادر جيبوتي العاصمة يوم الجمعة الماضي الرحالة اليمني الفائز بجائزة أول رحالة عربي وعالمي على ظهور الجمال أحمد عبده زيد القاسمي -ابن بطوطة اليمن- (51 عاما) وبرفقته منير أحمد خالد الدهمي الإعلامي والمصور الفوتوغرافي (24 عاما) الذي يخوض مغامرته الأولى في عالم الرحلات.
وكانا قد وصلا إلى جيبوتي عن طريق البحر في يوم الثلاثاء الـ12 من مارس الجاري قادمين من ميناء المخا اليمني، واستقبلهما القائم بالأعمال في سفارة الجمهورية اليمنية بجيبوتي السيد/ حمود أحمد العديني وأقرب معاونيه بحفاوة بالغة، وأكرم وفادتهما مشجعا إياهما على مواصلة هذا المشوار الشامخ بعزيمة ثابتة وإرادة قوية خدمة للسلام والوئام في كافة ربوع العالم وإفريقيا على وجه الخصوص.
وقد اختار القاسمي المتخصص في الجوانب الرياضية - ألعاب القوى- جيبوتي لتكون محطته الأولى في رحلته الرابعة بالجمال حول العالم من أجل نشر ثقافة السلام والمحبة انطلاقا من التقارب الجغرافي بينها وبين بلاده - اليمن السعيد - وتمتعها بالأمن والاستقرار على الرغم من وقوعها في وسط منطقة متوترة تعاني من الصراعات منذ أمد بعيد.
ويمتد خط سير "رحلة المحبة والسلام" للقاسمي والدهمي من جيبوتي العاصمة حتى مدينة كيب تاون البحرية بجمهورية جنوب إفريقيا مرورا بكل من إثيوبيا، كينيا، تنزانيا،ملاوي، زامبيا، زمبابوي، موزمبيق وسوازيلاند.
وتقدر مسافة هذه الرحلة التي تسبق سلسلة رحلات للقاسمي تشمل القارتين الأوربية والاسترالية بنحو 8375 كم سيقطعها الرحالة في 240 يوما - ثمانية أشهر تقريبا - على أن تنتهي في السادس من أكتوبر المقبل.
هذا وتتولى وزارة الشباب والرياضة في الجمهورية اليمنية رعاية هذا النوع من الرحلات وتوفير المستلزمات الضرورية لها لكن الرحالة يتطلع إلى أن يكون للشركات التجارية الكبرى وسفارات بلاده في الخارج دور كبير لإنجاح هذه الرحلات التي تستغرق في الغالب مدة غير قصيرة، قد تمتد لعام كامل.
متعة محفوفة بأخطار
وتهدف هذه الرحلة التي تحمل أكثر من معنى إلى نشر ثقافة التسامح والمحبة والإخاء بين الشعوب فضلا عن الاطلاع على كل ما هو جديد وغريب على طول خط الرحلة من الأدغال والغابات المليئة بالوحوش والطيور النادرة وكذلك المناظر الطبيعية الخلابة، إلى جانب السعي لقطع أطول مسافة على ظهور الجمال.
وعلى الرغم من المخاطر المحفوفة بهذه الرحلة والمتاعب الجمة المصاحبة لها إلا أن الرحالة اليمني القاسمي ومرافقه الدهمي يستمتعون بها ويسعون في ذا الوقت إلى الدخول في الموسوعات العالمية للأرقام القياسية من قبيل موسوعة غيتس الشهيرة.
وسيستغل الرحالة هذه الفرصة- كالمعتاد- لتصوير كل ما يجذب العين وتهواه النفس من المخلوقات وما تزخر به الطبيعة من جمال كالجبال والأنهار والوديان والأشجار والحيوانات ومن ثم إعداد مؤلف في نهاية المطاف يكون بمثابة مرجع شامل لمن يتطلع إلى القيام بمغامرات مماثلة. وفي حديث" للقرن " ثمن الرحالة اليمني أحمد القاسمي على ما تتمتع به جمهورية جيبوتي من الاستقرار السياسي والموقع الاستراتيجي اللذين يجعلانها بحق واحة آمنة يرفرف عليها علم السلام والازدهار.
وأوضح القاسمي- الذي يُعتبر رائدا لمجموعة من الشباب الواعي المتطلع والهادف إلى معرفة الأرض والإنسان حيثما وجدوا- أن الإنسان بطبيعته وفطرته يبحث دائما- من خلال السفر - عن ذاته ويسعى جاهدا إلى اكتشاف كل ما هو جديد في هذا العالم الزاخر بالعجائب والغرائب التي لا تنقضي، مضيفا أن البحث المتواصل وعشق المغامرات والتفكير في المخلوقات هي الأهم للإنسان المحب للأرض وأردف قائلا: "ومن هنا جاءت فكرتنا للسفر والترحال إلى عدد من دول العالم على ظهور الجمال".
رسالة سلام ووئام
وفي معرض رده عن سؤال حول سبب اختيارهم للجمال لقطع هذه المسافات الشاسعة، أشار القاسمي إلى أن اختيار- سفينة الصحراء- للقيام بهذه الرحلة الاستكشافية لم يأت مصادفة بل لكونها - الجمال- جزءا أساسيا من تاريخنا وتراثنا العريق وأضاف "إن الزمن ما دام لا يتكرر فقد أردنا استعادة اللحظة الزمنية الأصيلة الضاربة في الذاكرة "
وتتمثل الرسالة التي يحملونها إلى شعوب البلدان المختلفة التي تشملها هذه الرحلة وفق القاسمي " مد يد السلام والوئام والمحبة إلى كل من يقابلهم ودعوتهم إلى المساواة والتعايش السلمي بغض النظر عن الجنس أو الدين أو اللغة، ونبذ العنف والتمييز.
وعلى غرار رحلاته السابقة سيقوم الرحالة اليمني مع رفيقه بزيارة إلى المعالم التاريخية في كل البلدان الإفريقية التي سيمر بها كما سيقيم ندوات وأمسيات عن الرحلة ومراميها وسيتحين الفرصة للقاء المسئولين والمواطنين في تلك البلدان - على مدى ثمانية أشهر- لتوصيل رسالتهم إليهم، ناهيك عن التواصل مع الجاليات اليمنية ما أمكن.
ويقول - ابن بطوطة اليمن - إن رؤيتنا تتمثل في إيقاد شمعة أمل في الواقع المظلم وعرض فكرة جديدة وأسلوب حضاري لآداب الرحلات إلى جانب التعريف بالإنسان العربي وذاكرته الشعبية الممتدة في جذور التاريخ.
وانتهز أحمد القاسمي الفرصة أخيرا للإعراب عن عظيم شكره وبالغ امتنانه لكل من قدم لهم يد العون والمساعدة لتحقق هذه الرحلة أهدافها ولتقريب المسافة الفاصلة بين الإنسان والإنسان وبين الحب والقلب حسب وصفه.
وخص بالشكر كلا من القائم بالأعمال في السفارة اليمنية في جيبوتي السيد/ حمود أحمد العديني، والمستشار المالي ونائب القنصل في السفارة السيد/ أحمد محمد الحاج، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة أبو ياسر الدولية الأستاذ/ محمد قائد محمد (أبو ياسر).
ودعا الله لبلادنا بدوام الأمن والرقي والازدهار آملا أن تتطور العلاقات الأخوية والروابط القائمة بين جيبوتي وصنعاء لتشمل -إلى جانب التبادل التجاري- التواصل الاجتماعي والثقافي واستغلال القواسم المشتركة بين الشعبين الشقيقين.
ودعا القاسمي إلى تفعيل دور الإعلام في جيبوتي لجذب السياح إلى البلاد لاكتشاف المواقع السياحية فيها وفي مقدمتها شواطئها الجميلة.
تجدر الإشارة إلى إن - سندباد اليمن - يأمل القيام برحلتين أخريتين تكون الأولى أسترالية من مدينة داروين وحتى العاصمة سدني، بينما تكون الثانية أوروبية تبدأ من تركيا وتنتهي بعاصمة المملكة المتحدة " لندن "
كما تجدر الإشارة إلى أن الرحالة اليمني - وهو متزوج وأب لعشرة أبناء- قد قام برحلته الأولى- مشيا على الأقدام- عام 1992 بدأها من عاصمة بلاده - صنعاء- واختتمها بالعاصمة العمانية مسقط في 95 يوما وشملت جميع الدول العربية.
وللرحالة جملة من المؤلفات عن الرحلات منها أدب الرحلات في العالم العربي، ورحلة العجائب في زمن الغرائب.
محمد عبد الله