إن للفواكه مواسم ... وكذلك للحج ، الأضاحي ، والعيد مثلاً .. كلها مواسم تحمل للتجار والبائعين بشرى وكذلك الشهر المبارك الذي أهلت علينا بركاته ... حيث ينتظر الجميع قدومه مهللين مكبرين سائلين المولي أن يبلغنا رمضان أعواماً عديدة لما يحمله من كل الخيرات .
والجديد في الساحة الوطنية وخصوصاً في السنوات الأخيرة تضمن قائمة المواسم موسم الشغالات والذي يفرض نفسه بقوة شئنا أم أبينا مقترنا بمواسم الصيف وشهر رمضان الكريم ، حيث خلالهما يرتفع شأنهن وسعر خدماتهن أكثر من ذى قبل وبلا منازع ... أي نعم قد يبدوا أمرا تافهاً ولكن يعتبر أزمة استجدت في المجتمع الجيبوتي ، كما هي معضلة تستدعى حلاً ناجعا بالنسبة لربات البيوت والموظفات منهن على وجه الخصوص.
وبالذات مع بداية موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة ودخول شهر رمضان الكريم والذي تتبخر فيه الشغالات ، ويتطلب البحث عنها بذل المجهود الكبير والاستعانة بالقريب والبعيد ، وبالمكر سكوب إذا تطلب الأمر ولا تستغرب إن وجدت سعر خدماتها قد لا مس السحاب وبالأخص التي تعرف التعامل مع طبق سامبوسه ، ولا تتردد إذا وجدتها أن تجلس معها علي طاولات المفاوضات لإقناعها بكل الوسائل المتاحة أن العمل سهل وبسيط لعل وعسى تحظى ببركة دخولها وهذا إن قبلت أن تخدمك من أساسه ، ولا تستغرب إذا وجدت خادمتك التي تعودت علي خدماتها الجليلة تقدم لك ألف عذر لتتركك فهذا أمر طبيعي لأنك في موسم الصيف وفي الشهر الكريم .... اذكر أن الخادمات في زمان جداتنا كن ينظرن إلى ربه البيت بكل احترام وتقدير ولا ترد لها كلمة ... بل كانت تخدمها بكل إخلاص وتفاني ووفاء وكأنها تخدم في بيت أمها وكل ذلك بسعر زهيد أو نعتبره اليوم رمزياً . وكانت تعمل بلا كلل ولا ملل ودون تفرقة في شئون البيت . وكانت تبقي مع الأسرة سنوات عديدة والبعض منهن حتى يتزوجن . كما أن ربه البيت لم تكن تنظر أو تعامل الخادمة معاملة الخدم بل كانت تعتبرها أختها أو بنتها وأذكر كيف كانت الأسر يتحملن تكاليف زواجها وكأنهم يزفون عرس ابنتهم الغالية . أما اليوم كل شئي في هذه الحياة اختلف مع التطورات التي تسير بوتيرة متسارعة ... فإرتفعت الأسعار بما فيها أسعار الخدمات التي تقدمها الشغالات للأسرة بعد أن كانت بسعر رخيص وكأنها هي الأخرى مرتبطة بالتغيرات الاقتصادية التي تحدث في العالم ، أما من ناحية الأخلاق والمعاملة أحيانا المتأمل يحتار عندما يرى الخادمة تجادل ربه البيت في إدارة شؤون بيتها بل أحياناً هي التي تصدر الأوامر عما يمكن فعله أو تركه وقد تتجرأ في أحيان أخرى لتتدخل في تحديد من يزور صاحب البيت ومن لا يزوره !! وقد تتدخل بين ربة البيت وزوجها لتقترح ما يحب صاحب البيت أو مالا يحبه !!
وغير ذلك من تقسيم عمل البيت الواحد إلي النظافة ، الطبخ ، ورعاية الأطفال ، والأكثر من ذلك برغم ما سبق لهن من شروط ليقبلن العمل في موسم الصيف وشهر رمضان المبارك أما إذا كانت إحداهن تعرف إعداد السامبوسا أوشبه ذلك فحدث ولا حرج وكأنها تعرف طبخ أطباق الملوك والرؤساء !!
والغريب أن السامبوسة هذه أصبحت أحد هواجس الشغالات وربات البيوت مع أنها ليست سنة نبوية إلا أنها صار مع مرور الوقت جزءاً لا يتجزأ من الطبق الرمضاني، بل هناك من لا يحس أنه في رمضان إلا إذا رأى سامبوسة على المائدة !! وهذا ما يعقد الأمر أكثر . والحقيقة التي يجب أن أعترف بها هو أن الخادمات يقمن بعمل جبار ، حيث أغلب ربات البيوت والعاملات منهن يعتمدن عليهن في تسيير جوانب كثيرة من شؤون الأسرة إن لم يكن بشكل كامل ، وخصوصا في هذا الجو الصيفي ، ومن المؤكد أن هن يحصلن علي المقابل وبل أكثر من ذلك ، ولكن للأسف الميزانية العامة الأسر لا تتحمل أعباءً إضافية .
وليس أمام ربة البيت لمواجهة هذه المشكلة إلا أن تتفق مع أفراد الأسرة وتضع نظاماً وجدول عمل للجميع كل حسب مهمته وإمكانيته ودوره كما هو الحال في الغرب .
أو تتحمل عبء الجميع كما كان حال جداتنا مع بساطة الحياة في ذلك الوقت وأظن هذا أمرا صعبا في الوقت الحالي ، والخيار الثالث أن يطالبن بجهات تتبنى أمر الخادمات كي لا يتظلمن ولا يظلمن .
نبيهة عبدو فارح