المسلمون في كل دول العالم، متفقون عـلى أن لشهـر رمضان الكريم معاني كثيرة، منها ما يتعـلق بالشهـر نفسه ومنها ما يتعـلق بالصوم، فـبما يتعـلق بالفترة المحددة بثلاثين يوما، نذكـر هـنا قـوله عـز وجل: «شهـر رمضان الذي أنزل فـيه الـقـرآن هـدى للـناس وبينات من الهدى والفرقان» فشهـر رمضان أولا هـو الشهـر الذي أنزل فـيه القرآن، والقرآن كتاب الله وهـدايته إلى البشر الذي تمثل في الرسالة الخاتمة من الله إلى البشر، مما يعـني أن أمرا عـظيما قـد حـدث في هـذا الشهـر.. وهـو نزول القرآن الكريم الذي أثر عـلى مجرى حياة الإنسان والتاريخ الإنساني. إذاً.. من أهم المعاني هـو ما يتعلق بالشهر الكريم نفسه كشهـر مبارك أراده الله سبحانه وتعالى لهـذه الصفة.. لذلك نقول إنه شهـر مبارك ولا نقول إنه شهـر رمضان فـقط، بل دائما نذكر المبارك لهذه المعاني التي وردت في الآيات الكريمة.. وإضافة إلى تلك الآيات.. هـو مبارك أيضا لأنه شهـر التوبة والمغـفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، وإذا جاء رمضان فـتحت أبواب الجنة، وغـلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين، وفي لفظ وسلسلت الشياطين، أي أنهم يُجعـلون في الأصفاد والسلاسل، فلا يصلون في رمضان إلى ما كانوا يصلون إليه في غـيره من الشهور، وهـو شهـر الصبر، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العـبادات كما يتجلى في الصوم، فـفيه يحبس المسلم نفسه عـن شهواتها، ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة.. قال تعالى: «إنما يوفى الصابرون أجرهم بغـير حساب»، وهـو شهـر الدعاء المستجاب، قال صلى الله عـليه وسلم: ثلاثة لا ترد دعـوتهم: «الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعـوة المظلوم» رواه أحمد.. وهـو شهـر الجود والإحسان، ولذا كان صلى الله عـليه وسلم أجود ما يكون في شهر رمضان.. وهـو شهـر ليلة القدر وهي خير من ألف شهـر، والمحروم من حرم خيرها، روى ابن ماجه عـن أنس رضي الله عـنه قال: دخل رمضان، فـقال رسول الله صلى الله عـليه وسلم: إن هـذا الشهـر قـد حضركم، وفـيه ليلة خير من ألف شهـر، من حرمها فـقـد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم. أما فـي ما يتعـلق بالصيام وهـو الركن الرابع من أركان الإسلام.. فـريضة ربانية أساسية أكدها الله سبحانه وتعالى ضمن الأركان الخمسة للإسلام التي لا يكون المسلم مسلما إلا بالتزامها تماما. إن الصيام يُعـوّد الفـرد المسلم عـلى أن يلتزم بنفسه عـلى هـذه الفريضة دون رقـيب من أحـد إلا الله جل جلاله، إذاً.. عـبادة الصيام لا تكون فـقـط أمام الناس للتباهي بأن المسلم يلتزم بعـبادة الله، بل يلتزم بها تجاه الله عـز وجل.. لذا قال عـز من قائل: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» وهـذا يؤكد القيمة العـظيمة لهذه العـبادة التي تسمو بروح الإنسان المسلم، وإن ما يفعله هـو لله سبحانه وتعالى.. من هـنا كان الجزاء كبيرا ً كما وعـد الله عـباده.
عـن النبي صلى الله عـليه وسلم قال: «إن في الجنَّة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أَحـد غـيرهم، يقال: أَين الصائمون؟ فَيقُومون، لا يدخل منه أَحـد غـيرهم، فَإذَا دخلوا أُغـلق، فَلم يدخل منه أَحد».. اللهم اجعـلنا معهم..