لا تعرف قيمة النعمة إلا بعد زوالها أو بالحرمان منها ... ساعات قلائل من الإمتناع عن شرب الماء خلال النهار أيقظ خيالي وجعلنى
احلق في فضاء الأحلام و أتصور متعة اللحظات التى يرفع فيها أذان المغرب لأشرب الماء لتغمرني فرحة كفرحة أرض قاحل إرتوت بقطرات المطر...ويبدو الأمر غريبا بأن يحلم الإنسان بشرب ماء يملكه وكان يشربه طوال العام... بل جعلني أتخيل منظر الصحراء بجوها وشمسها الحارق وبجانبها أرض خضراء ...بزهورها...وفواكهها...هوائها البارد...جبالها...أنهارها وشلالاتها...
جعلني أحلم بممارسة هواية ترعبني حتي التفكير فيها وهي السباحة...وأعطي لخيالي الضوء الأخضر وجرعة قوية من الشجاعة لأحلم مرة بالعوم في الأنهار والمياه العذبة وأخري البحار والمحيطات مع الأسماك...وأفكر حال من لا يملك هذه النعمة أو يعاني للحصول عليها.
وأصبح توزيح كولديرات المياه الباردة على طول الشوارع وتوزيع الثلوج على المارة خلال شهر رمضان وخلال الصيف بل على مدار السنة بالمجان أصبح حلما يراودني ولكن لا يمكنني تحقيقه على الأقل في الوقت الحالي،هذا مع زيادة الأيادي الخير في كل رمضان.
بل جعلني العطش الممزوج بحرارة الصيف أتخيل حال من يصوم وهو لا يملك الأمن والأمان ..ولا الإستقرار ،ناهيك عن المأوى ولقمة يسد بها رمقه ،وعندما يجتمع العطش بالجوع يعرف الإنسان حقيقة قدر نفسه فتنكسر، ومدي ضعفه ،فيزيد إيمانك مما يؤدي إلى إنكسار النفس وكبح جماح الغضب والإنفعال والغرور, وهذا يساعد الوحد منا على التحمل وضبط النفس و يدربه على مواجهة المواقف الصعبة والإحباط الذي قد يحدث له جراء تجاربه في الحياة .
وكما يقول الأطباء الصوم أقوى سلاح للإضطرابات النفسية مثل الفصام ،كما أنه يزيد الطاقة ...ويعالج الإدمان ...أمراض الجهاز الهضمي وآلام المفاصل وغيرها من الأمراض,ويقول أحد أشهر الأطباء المعالجين بالصوم وهو يعدد فوائده: وزن أقل ،جلد نقي ،إزالة السموم من الجسم،إصلاح الأنسجة,إنخفاض في الألام والإلتهابات ،زيادة في التركيز،إسترخاء ،توفير في الغذاء والوقت والأهم الشعور بالرضا بأنك لعبت دورا مهما ورئيسيا في تحسين صحتك.
وقد ولى رمضان شهر الخيرات والبركات والإحسان ...رمضان المربي والمعلم والمصلح للأخلاق و النفس ،ونعيش أواخر أيامه ومع ذلك لا زلت أحلم بلحظات شرب الماء البارد داعية أن يديم الله علينا نعمه ويعيد علينا رمضان أعواما كثيرة باليمن والبركات وكل عام وأنتم بألف خير.

نبيهة عبدو فارح