...وانفلق نور صباح العيد محملا بنسائم عليلة ... وهبت رياحه بالخير والبشرى...غطت سماءه صحب بيضاء تنثر قطرات المطر على الأرض كنثر الفل على العروس...وبقدومك يا عيد تتزين الشوارع بالأنوار المتلألئة...والبيوت بالستائر الملونة ...و نلبس أجمل الثياب ... ونتبادل أرق التهاني وأعذب الكلمات...تتصافح الأيادي ...تتعانق القلوب وتصفو الصدور...
أما الأطفال فهم في قمة الفرح وعلى أتم الاستعداد مع طلوع الشمس حاملين ألعابهم ليعزفوا لنا أحلى أنغام السعادة ...وحتى الجدران غنت فرحا ...والأشجار ترنحت ...وصفقت الأغصان وتمايلت .
عزيز أنت يا عيد...جئتنا لترسم البسمة على الشفائف...وتؤكد علينا المعاني السامية التي كان قد دربنا عليه الشهر الكريم من التسامح...التراحم...التآزر...والتواصل وبدء حياتنا بصفحة جديدة خالية من الشوائب .
عزيز أنت يا عيد ،بقدومك انطلق الجميع وهم بأبهى صورهم نحو ساحات الصلاة مكبرين مهللين ...وجمال الناس والمنظر في العيد لم يأت من فراغ وإنما بدأ الاستعداد له قبل توديع الضيف العزيز رمضان لإستقبال الضيف الأخر ،حيث كان الناس في حالة من الإستنفار ...وتجد الإهتمام بالعيد أكبر لعموميته وضمه للأطفال تحت جناح الفرحة،لذلك ترى أن الأسر تبدأ تجهيز لوازم العيد في النصف الثاني من رمضان،لترتفع حركة البيع والشراء وتنتعش وتبلغ ذروتها في أواخر رمضان ...فيزداد عدد البائعين والمشترين على حد سواء..أفواج من البشر تتزاحم هنا وهناك...و رحت أتأمل في وجوههم المختلفة في درجات ألوانهم والمتحدة في الجمال والنضارة...وتساءلت في نفسي عن سر ذلك الجمال ؟ هل السبب في هدوء حرارة الجو الصيفي بقدرة القادر؟ أم الأمر متعلق بفرحة العيد؟ أم لأننا عشنا خواتم مباركة؟ وربما هي الأسباب الثلاثة... فشدتني الأصوات المرتفعة المتداخلة في بعضها...كلمات إغراء وترويج للسلعة من قبل الباعة والمطالبة بالفصال وخفض السعر تسمعه من جانب المشتريين...والهدف الأول والأخير هو الإحتفال بالعيد.
أسعار السلع كانت مختلفة ...من القمة إلى القاعدة ...الكل يشترى وحسب إمكانياته،الغني والفقير على حد سواء يبتاع ويشتكي من الأسعار...ولا أحد يقبل مهما كانت الظروف بمرور هذه المناسبة دون إدخال الفرحة إلى بيته وفي قلوب أطفاله وأهله ليقول لسان حاله عزيز أنت يا عيد!.
نبيهة عبدو فارح