نتساءل أولا من فتن بيننا وبين المناخ الحار ودفعنا إلى الخوف والهلع منه بدل التأقلم معه؟ ثم من خلق هذه الحساسية الزائدة بيننا وبين موسم الصيف؟ فهناك دول كثيرة تتميز بمناخها الحار جداً ولكنها عرفت كيف تتعايش معه.

وهلا خططنا لكيفية كسر حدة حرارة الصيف من خلال غرس الأشجار التي تلطف الجوّ ، وتهيئة بيوتنا لمواجهة موجات الحرّ، وتربية نفوسنا على نبذ الروح الانهزامية أمام قدوم موسم الصيف.

أم دخلت الرحلة الصيفية نحو الخارج ضمن نطاق الإدمان وتحتاج إلى تقديم علاج وطني. في بداية كل صيف عندما تشتد موجات الحرّ الحارقة تتحرك تلقائياً موجات من المواطنين لم يقدروا علي الصمود أمام لهيب حرّ الصيف ويولون وجوههم أفواجاً شطر المناطق الباردة في دول الجوار، وهم يعبرون نقاط الحدود المختلفة التي تربط بلادنا بتلك الدول. في رحلة سياحية يطمح أصحابها إلى أن يستمتعوا ببرودة الجو وهو في موطنه الأصلي وبيئته الطبيعية، ولكن بعد عملية فكّ الارتباط بالصيف وحرارته المرتفعة سرعان ما يعودون إلى ديارهم عندما تخف تقريبا وطأة الصيف أو تنتهي منهم إجازته السنوية. وعنذ ذلك حينما يرجعون إلى موجات الحرّ الشديدة ويشعرون هم والناس الذين لم يتصيّفوا وبقوا داخل جيبوتي كأن قيظ الصيف قد اشتدّ من جديد ويحسّون أنه يستهدفهم بشكل خاص وكأنه يعرف أنهم هربوا منه ولابد من معاقبتهم على جريمة التهرب من أخذ نصيبهم من الحرّ. ويقول الناس الذين صمدوا أمام لهيب حرّ الصيف أن الناس الذين رجعوا من التصيّف بالخارج هم الذين يتسببون بارتفاع درجات الحرارة في مثل هذه الفترة عليهم. وبطبيعة الحال تقلّ عند المصطافين في الخارج في المناطق الباردة في دول الجوار مقاومتهم للحرّ الشديد . ويؤثر ذلك على مزاجهم وسلوكهم وحالتهم النفيسّة ويدركون حينها وعند تذكر معانات السفر بوسائل النقل المؤدية إلى بلادهم وما تعرضوا له من متاعب جمّة في الطريق وداخل وسائل النقل تلك أثناء رحلة عودتهم إلى أرض الوطن ،وغالباً ما يضع أصحاب هذه الوسائل مصالحهم فوق كل اعتبار ونادراً ما يلتزمون بالمعايير الخاصة للنقل، حيث أصبحت زيادة عدد ركابها بلا حساب، ومواعيد مغادرتها غير منضبطة، وتسير بسرعة قياسية تحطم الأرقام، ليتسنى لها العودة وتدور دورتها التجارية على ما يرام، وتنسيهم هذه المعاناة والمتاعب التي تعرضوا لها في رحلة العودة والحرّ الشديد الذي استقبلهم ما استمتعوا به من برودة الجوّ والبيئة الطبيعية. ويدركون حينها أن قرار السفر إلى الخارج للتصيّف وما ترتب عليه من تحويل ما لديهم من أموال إلى البلدان المجاورة وقد دفعهم هذا الأمر في بعض الأحيان إلى الاستدانة تحت ضغط ضربات الشمس الموجعة أو صراخ الأطفال والنساء الذين يشكلون الحلقة الأضعف في مواجهة القيظ، وما قد يؤدي به من التفريق بين أفراد الأسرة الواحدة، كان قرارا خاطئا وأن تلك الرحلة كانت رحلة عذاب وشقاء.

 وعليه يقرّون بأنه كان عليهم أن يلجؤوا إلى وسائل وطرق أخرى للتخفيف من حرارة الجوّ والتغلب على حر الصيف حتى بدون تكييف كوضع وعاء من مكعبات الثلج أمام المروحة لتنشر هواءً بارداً في الغرفة. والحرص على فتح نوافذ المنزل جميعها في المساء بعد غروب الشمس، أما في فترة الظهيرة الحارة فيفضل تجنب إدخال أشعة الشمس الحارة إلى المنزل قد الإمكان.

والاستحمام بماء بارد أو فاتر عند الاستيقاظ من النوم للشعور بالبرودة والنشاط، وكذلك الحال عند العودة من العمل أو من الخارج، وقبل النوم. وشرب كميات كبيرة من الماء لتعويض ما يفقده الجسم من سوائل خلال التعرق في حر الصيف، وكذلك للحفاظ على رطوبة الجلد ودرجة حرارة الجسم، وحماية الجسم من الجفاف. ارتداء الملابس القطنية الخفيفة والواسعة وفاتحة اللون سواء في البيت أو خارج البيت، وتجنب أقمشة النايلون والملابس الضيقة والسميكة والقاتمة. كما يجب الحرص على ارتداء قبعة ونظارات شمسية عند الخروج من المنزل، ويفضل أيضاً الاستعانة بالمظلة عند السير تحت أشعة الشمس الشديدة. وقد تم التأكيد بالفعل أن من لديه المقدرة على شراء واستعمال المكيّف أفضل بالكثير وأرخص ثمنا من التكاليف المادية الباهظة التي يدفعها الشخص من أجل التصيّف في الخارج. إن العراقيل الكثيرة التي تواجه الجيبوتيين في الرحلة الصيفية على امتداد طريق السفر والعودة وأثناء الإقامة في دول الجوار، تطرح تساؤلات عدة منها، لماذا لا نهتم بالسياحة الداخلية التي توفر دائماً فرصاً سياحية بديلة عن تلك الرحلات السياحية في الخارج التي تحفّ بها المخاطر؟ تضم بلادنا مناطق كثيرة باردة ومعتدلة يمكن أن تكون مقراً دائماً للمصطافين الجيبوتيين دون عناء . فلماذا لا نجيب الداعي الذي ينادي بأن نولّي وجوهنا شطر علي صبيح وعرتا وداي وعديلو أثناء العطلة الصيفية؟ ونتمسك بأن نولّي وجوهنا شطر دول الجوار؟

 

 عبدالسلام علي آدم