انتهى الأسبوع الأول من رمضان، والحق أني بدأت أستلطف فكرة أن يكون الحجر إلزاميا في  كل رمضان حتى بدون أوبئة، لا أعلم هل الأمر لطيف فعلا أم إني قد تعودت على الحياة الجديدة، كنت أتخيل أن رمضان دون الناس والأسواق والمجمعات سيكون كئيبا ومتعبا، لكنها لأصبحت لو لم يشمل الحجر الصحي اغلاق المساجد ولم نفتقد صلوات الجماعة والتراويح أفضل أيام رمضان عشتها، حيث  بدا فيها رمضان كأنه رمضان الذي نسمع به في سير خير القرون ، ينقصه فقط أن تعود إلى المساجد حياتها، وتصفد القنوات التلفزيونية إلى آخر الشهر، ربما نفهم حينها أن رمضان هو شهر عبادة مفروضة وركن من أركان الإسلام.

عموما طبيعية العالم قبل كورونا ليست مما يؤسف عليه حتى نتمنى أن تعود، لأن عالم ما  قبل كورونا كان عالما ماديا جشعا مريضا عنيفا لم يكن الإنسان فيه مجرد سلعة، بل إنه كان السلعة الأرخص على الإطلاق.

والمشكلة التي تواجه العالم بعد كورونا تتمثل في  أن الذين سيقترحون الحلول وينفذونها هم أنفسهم من أوصل العالم إلى هذا الحد من البشاعة.

ولذلك فإنا في ظل هذه الحقيقة وبعد أن تمرسنا على العزلة ربما   نحلم بالعيش في مكان  ناء بعيد عن كل وسائل الاتصال بالزملاء سكان كوكب الأرض حتى نغادرهم بسلام.

من المؤكد يقينا أن الحظر سينتهي وسيرفع سواء ذهب كورونا أم قرر تمديد إقامته ـ لا سمح الله ـ  واعتقد جازما بان إقامته في بلدي لن تطول مستندا علي النجاح الذي حققته بلادنا  في السّيطرة على تفشّي وباء الكورونا، وتقليص أضراره،بالتّعاون مع أجهِزتها وخُبرائها في الميدان الصحّي،رغم قلة مواردها بسبب الإدارة والكفاءَة، وتصرّف حُكومي سريع لمُواجهة الوباء .واعتمادها على تجربتها الشخصيّة،وليس َأي ّتجارب مُستَوردة من الخارج ،مع بعض الاستِثناءات الضَّروريّة في هذا الميدان اعتِمادًا على توصيات منظّمة الصحّة العالميّة، وأخذ بعض الجوانِب النّاجحة في تجارب دول مِثل الصين.

والذي تتوجها اليوم باطلاق المسح الاستقصائي والكشف العام علي السكان في العاصمة والأقاليم  وهي خطوة تقربنا اكثرالي زمن مابعد الحجرالصحي.

 وأظن أن كثيرين قد تغير فيهم شيء إلى الأبد، وسيكون الخوف من الآخر مستمرا لوقت غير قصير. وبالطبع فإن هذا لا يعني أنه لا يوجد من لم يتغير، هناك أشخاص لن يغيرهم شيء ولن يشعروا بأي مسؤولية حتى لو كانت الفيروسات تطير أمامهم كالبعوض.

   

    جمال أحمد ديني