الماء ضروري في الحياة، وهو أساس كل كائن حي وسبب وجوده في هذا الكون، فما من حي على وجه الأرض إلا وقد خلق من ماء، بالإضافة إلى أننا بحاجة ملحة إلى الماء في حياتنا اليومية: فنحن نشربه في اليوم حسب ظروف المناخ السائد في المنطقة التي نعيش فيها، وحسب حاجتنا إليه، فكلما كانت الحرارة شديدة والرطوبة عالية، كما في المناطق الحارة ازدادت حاجتنا إلى الماء لاستعماله في الشرب والاستحمام والتبريد والترويح عن النفس، كما نستخدمه في النظافة وطهي الطعام، ونستعمله كذلك في سقي الأرض من أجل إنتاج المحصولات الزراعية التي يرتكز عليها غداؤنا وزراعة الأعلاف للحيوانات التي ترتبط بها حياتنا، ونحتاج إلى الماء في سقي المواشي التي نمتلكها للاستفادة منها: في ألبانها ولحومها وأصوافها وأشعارها وأوبارها ويستفيد الإنسان من مياه البحار والمحيطات لانتقال السفن من مكان إلى مكان آخر عبر العالم، ويعيش في الماء الأسماك والحيتان التي يعتمد عليها الإنسان في حياته.  

والماء مهم جداً لصحة الإنسان، فلكي يتمتع المرء بصحة جيدة، فلابد أن يكثر كميات المياه التي يستعملها في الشرب، كما ينصحه دائماً الأطباء، والأرض التي نعيش عليها لا تحيا إلا بوجود الماء فيها، وبعدمه تصبح الأرض قاحلة مقفرة لا حياة فيها، ولذلك أخبرنا القرآن الكريم الذي هو وحي رباني من فوق سبع سموات أن الأرض تموت إذا فقدت الماء وانقطعت عنها مياه الأمطار، مدة معينة من الوقت، وتحيا إذا نزلت عليها مياه الأمطار، وانطلاقاً من هذا الاعتبار، فلا نكون مبالغين إذا قلنا: الماء هو عصب الحياة، أو: هو الحياة، لأنه لا حياة بدون ماء على الإطلاق.  

ومن أجل أهمية الماء في الحياة عموماً، فإن الدول التي تتشاطر المياه تضع القوانين وتبرم الاتفاقيات بينها لتقاسم المياه فيما بينها، ويجب احترام هذه القوانين وتلك الاتفاقيات من قبل هذه الدول، حتى لا تعتدي دولة على حصة مياه دولة أخرى.  

وإذا رأت دولة من تلك الدول أن نصيبها من المياه قد اعتدي عليه، فقد نعتبر ذلك اعتداء على وجودها وقضاء على شعبها، فلا مناص منها عند ذلك، أن تعلن حرباً ضد الدولة المعتدية للدفاع عن كيانها ووجودها، وعن حياة شعبها، وتعتبر هذه الحرب حرباً مقدسة يجب الخوض فيها مهما كلفت من الأموال والأرواح.  

والجدير بالإشارة إلى أن الحكومة الجيبوتية بذلت جهوداً جبارة لا تخفى على أحد، وخصصت أموالاً هائلة لتوفير المياه الصاحلة للشرب لمواطنيها: حيث مدت شبكة واسعة للمياه في المدن وأماكن الحضر، وأما في الأرياف والقرى الصغيرة ومناطق البدو فقد قامت بحفر الآبار وبنت البرك التي تمد المياه لساكني هذه المناطق ومواشيهم. واتفاقية المياه الموقعة بين جيبوتي وجارتها الإثيوبية والتي تمد بلادنا با لمياه العذبة ، وإقامة السدود للاستفادة من مياه الأمطار التي كانت تذهب سدى كالسد العظيم الذي أقيم مؤخراً في المنطقة الواقعة بين العاصمة ومدينة عرتا، ومشروع تصفية وتحلية مياه البحر الذي هو قيد التنفيذ كل ذلك يدل على الأهمية الخاصة التي توليها جيبوتي للمياه. ولكن مع لأسف الشديد هناك تقصير كبير في المحافظة على المياه وإسراف واضح في استعمالها من جانب كثير من سكان أحياء العاصمة، فقد ينكسر أنبوب يوصل لأخذ البيوت فيبقى مدة طويلة بدون إصلاح من قبل مالكه، وقد لا تعلم به مصحلة المياه فيسيل وادياً من السيل. وهناك سؤال يطرح نفسه وهو أنه كثرت في الآونة الأخيرة أنابيب المياه المنكسرة في أوساط بعض الأحياء، فيا ترى فما هو السبب في ذلك؟  

وللإجابة عن هذا التساؤل أذكر سببين حسب رؤيتي الخاصة:  

- هشاشة الأنابيب المستعملة في الأيام الأخيرة فعند ما تصيبها الحرارة تنفجر.  

- عدم تعميق الحفر الذي يوضع فيه الأنبوب وعدم إيصاله إلى المستوى المطلوب فيكون معرضاً للإصابات المباشرة من حركة السيارات ونحوها.  

والحل يكمن فيما يلي:  

1 – الماء نعمة عظيمة من نعم الله على الإنسان ويجب الشكر تجاه هذه النعمة، والحفاظ عليها جزء من الشكر المطلوب منا.  

2 – عدم تهاون الضوابط والشروط اللازمة عند توصيل الماء لأي شخص كتعميق الحفر ومراعاة جودة الأنبوب ونوعه.  

3 – على المواطن الذي يعنيه الأنبوب المعطوب ألا يقف مكتوف الأيدي أمامه والماء يسيل منه هدراً وينتظر الجهة المعنية، بل عليه أن يقوم بإصلاحه بنفسه فور عطوبه، لأنه هو المستفيد الأول منه وهو المالك له والمسؤول المباشر عنه، حيث أصبح جزءً من ممتلكاته، ومن الخطأ الفادح أن ينتظر من غيره إصلاح ما يمثل لك عمود فقر حياتك، والمواطن الصالح هو الذي يشعر بمسئوليته نحو وطنه ومجتمعه.  

4 – من الناس من لا ينفع معه إلا الرادع الذي يردعه ومن هنا أقترح غرامة مالية على من ينكسر أنبوبه ولا يقوم بإصلاحه.  

وفي الختام يجب أن نعلم أن أية مؤسسة من مؤسسات الوطن ومرافقه الحيوية ليست ملكاً لأحد معين، وإنما هي ملك للجميع ونفعها يتعدى إلى عامة الناس، والحفاظ عليها ومراعاتها من الضياع واجب كل فرد من أفراد الأمة حتى يأتي نفعها على الوجه المطلوب وبالشكل الذي يرضي الجميع.