كانت صبية حسناء في مقتبل العمر, بعمر الزهور. خلقها الله تعالى فأبدع خلقه, وكانت آية في الجمال; عيناها فيهما بريق آسر, فمها صغير وكانه مرسوم رسم,طويلة القامة, نحيلة القوام, ذات أنف صغير شامخ, وأسنان صغيرة مصفوفة كاللؤلؤ, وكان شعرها طويلا ناعما جميلا مسترسلا كالشلال حتى يصل أسفل ظهرها. تستمتع وانت تنظر اليها, وتسبح لله تعالى على جمالها الأخاذ الذي يخلب الألباب.وفي احد الايام. كانت متواجدة في أحد الأعراس التي كانت مدعوة له.والذي أقيم في قاعة الاعراس  (تامرا) وكانت فرحة سعيدة.فلفتت انتباه شاب من أهل العروس عندما رآها قادمة تتهادى في ثوبها الفضي الطويل الجميل.وأحس على الفور بشعور غريب لم يجربه من قبل, وسمع دقات قلبه تخفق بعنف وهو ينظر اليها. وأمضى الوقت وهو يتابعها بنظراته وهي ترقص وتتمايل بأنوثة مثيرة جميلة. وكانت تمرح وتضحك مع المدعوين, وراقبها كل الوقت, ولم تغفل عيناه عنها طيلة السهرة, وشاركها فرحها الجميل من بعيد,فقد كانت كالوردة الجميلة التي تفتحت, وعبقت رائحة عطرها الفواح الاجواء. واستمر في محاولة اقتناص أي فرصة للاقتراب منها والتعرف عليها ولاحظت اخته الصغيرة ما يعانيه أخوها فتطوعت بدعوته الي الرقص معها وعندما سارا بمحازاتها قامت بلباقة باجراء التعارف بينهما فلمعت في عينيه فرحة كادت أن تفضح ما يعتمل في داخله من اعجاب وتعلق ب ميمي هذه الفتاة التي كان قد تعرف عليها عبر شببكة التواصل الاجتماعي ولكنه يراها اليوم لأول مرة ... ولما بدي لاخته مدينة ما بدأ ينشؤ بينهما من انسجام غير عادي _والبركة في مبادرتها وقبلها (الفيس بوك ) - انسحبت بهدوء وتركت ابراهيم وميمي يواصلان تعارفهما علي طريقتهما .وعند انتهاء الحفل لمحها تدلف الي خارج القاعة تبعها وتابعها عن قرب ولاحظ أنها تبحث عن سيارة توصلها فباغتها بقوله : هل تسمحين آنسة ميمي (اسم تدليل) بأن أوصلك ....تمتمت : شكرا الله يخليك ..أنا أنتظر صديقتي وهي التي ستوصلني ..رد ابراهيم :ونحن ألسنا أصدقاء غمغمت :نحن أصدقا ولكن ....ولكن ماذا تعالي ياميمي دعيني أسعد بإيصالك وتابع حديثه وهويبتسم : وهي فرصة أيضا للتعرف علي عنوانك لأنه يبدو أني سأحتاج كثيرا للبحث عنه فارتسمت علي محياها سيما خجل احمرت له وجنتيها وأطرقت ...وأمام الحاحه لم تجد بدا من الاستسلام فركبت :يا للا يا سيدي وصلنا ...تتمتم : أيوا كده تعجبيني ..علي فين ....ردت الحي السعودي بجوار مقر منظمة بندر جديد.. وفي الطريق إلي بيتها لم يتوقفا للحظة عن الحديث وكان حديثا عاما خلي عن الخصوصيات فيما عدا ما يتعلق بتعارفهما عبر شبكة التواصل والمقادير التي جمعتهم اليوم واهتمامه بها دون معرفة ما ان كانت هي نفس ميمي التي تعرف عليها والتي كانت تختفي فجأة بسبب الامتحانات والتي كان يجهل ما إن كان فعلا اسمها الحقيقي (ميمي أحمد)وعن الصداقات عبر هذه الشبكة وعمقها وجديتها وما تخبؤه الاقدار ومضي الوقت في الطريق وكأنه ثواني فوصلا الي بيتها نزل معها من السيارة وودعها وظل واقفا حتي دلفت الي الداخل وحيته باشارة من يدها فعاد أدراجه وهو لا يستطيع الفكاك عن التفكير فيها وما كان يدخل السرور في نفسه هو أنه تبادل معها أرقام التليفون والتي لم تتوقف عن الرنين منذ اليوم التالي ولم يتجدد لقاؤهما ألا بعد مرور أسبوعين بسبب الامتحانات ...كان اللقاء في فينيس (كورنيش جيبوتي) تحديدا في مطعم (مون لايت )ولكنه كان لقاءا مختلفا هذه المرة جلسا في المطعم الهاديء الذي أصبحا يترتادانهُ بعد ذلك باستمرا ر_وأخذت تدندن لحنها المفضل تتذكر كلمات الأغنية المرافقة لهُ ..و تذكر رقصتهاالأولى معه عندما تعرفت عليهِ في حفلِ زفاف صديقتها المفضلةعلى أنغام تلكَ الأغنية..أوقفت « ميمي» استرسال شريط أفكارها وبدأت تتابع النظر الي وجهه وتصغي لهمسات حديثه وهيَ تداعب قلبها بحنان وكأنها تنوي أن تجذبهُ لأحضانها الدافئة _ لا تعلمَ أيضاً لمَ تعلقت عيونها بهذين المشهدين !! ولمَ تخيلت نفسها ترقص معهُ على سطح البحر وهمهمات الأمواج وصخب البحر يرفعهما لأعلى حتى لا يسقطا في الأعماق المثقلة بهموم العالم رسمت بسمة طفيفة على شفاههاولم يمض وقت طويل حتي ارسل أهله لكي يطلبوله يدها زوجة له. وتمت الموافقة. وبسرعة كان فرحهما وصارت عروسه. واستاجرا بيتا جميلا وضعا فيه أجمل وأفخر العفش والاثاث. وعاشت معه بسعادة, وأحست ان الله عوضها به عن امها التي ماتت ساعة ولادتها لها. ولم تمض معه شهران الا وجاءها الخبر.

بان زوجها الشاب مات في حادث سير مروع , في طريق لك عسل أثنا عودته من تجورة يوصف, وبكت وأبكت كل من شاركها العزاء.  

انهارت  بين أيدي حماتها ثالث أيام العزاء.

وأغمي عليها, وأخذوها بسرعة الى المستشفى, ليتبين انها حامل. وفرحت بحملها كثيرا, وأحست أن الله قد أرسل لها عوضا آخر عن أحزانها الطويلة. والله العالم كيف أمضت أشهر حملها بين يأس وأمل, الى ان حان موعد الولادة. وكانت ولادتها عسيرة نزفت فيها دما كثيرا.

ولكن كتب الله لها النجاة. وأنجبت طفلا جميلا أسمته جميل مشتق من أحرف إسميهما وصار كل شيئ بالنسبة لها. ونذرت حياتها لتربيته. ورفضت الزواج مرة اخرى وبقيت على ذكرى زوجها واستمرت تربي ابنها احسن تربية. وكانت تراقبه وهو يكبر لحظة بلحظة. يوما بيوم. سنة بسنة. وأصبحت روحها وحياتها متعلقة بابنها، ولم تكن ترى غيره من الناس .

بقلم / جمال أحمد ديني