تتحمل النساء في مجتمعاتنا  الإفريقية أعباء المسؤولية وهي بنت الخامسة ربيعا، إذ تساعد أمها في تنظيف البيت  _ تخسر نعومة يديها الصغيرتين _ وفي جلب متطلبات البيت من البقّال (الدّكان) الأقرب.ينمو جسدها، فتزداد المسؤولية كلما زاد عمرها - تشتهر البلدان النامية بعمالة القُصّر -  وهو ما يُفقدهن الكثير من ذكريات المرحلة.  

وفي العاشرة من عمرها تتخذ زاوية لبيع القهوة أو الشاي على أمل أن تُعيل الأهل وتكسب قوت يومٍ للبيت، وهنا يكثر حولها الذئاب لا يهمهم صغر سنها، ولا الأسباب التي دفعت أهلها حتى تخوض وتواجه صعاب الحياة طفلةً .. يتنافسون فيما بينهم «كيف يخدشون حياءها وطفولتها؟»  

إنّ هؤلاء (الشباب) لا يدركون ولا يستوعبون أنّ الفقر والحاجة قد تسابقوا إليها وخدشو كبريائها.  

يخرج من البيت النحاسيّ (zingo) وعلى جسمه معوز غالي الثمن والذي لم يدفع قيمته وقميصه الذي يتباهى به من مال أبيه أو أمه، وساعته التي على معصمه هدية أختٍ، والتي هي قد تكون بائعة قهوة أو شايٍ على زاوية أخرى من نفس الشارع، بينما هو يعاكس مثيلتها - التي  تسعى إلى نفس مسعى شقيقته - متباهيا مغترا بما لم يكسبه.  

وفي الناصية الأخرى من الشارع، شهوانيٌّ يشبهه ويتطابق معه طبعا وغرائزية  وفساد خلقي، يمارس طقوس المضايقة والتحرش اللفظي وأحياناً الجسدي مع كريمتك بائعة القهوة؛ وهي بدورها تعيل البيت.  

 

أيها الذكر:  

 

هي بائعة قهوة .. وليست بائعة هوىً، أَذنبها أنها فقيرة، وفي مجتمع لا يرحم الفقير، أَذنبها أَنْ تحملتْ المسؤولية التي لم تكن أنت كرجل البيت أن تتحمله، أتحاسبها على حسها الجميل لتعيلك أيها الذكر!!  

إن كانت الحاجة أفقدتها الطفولة، فلا تكن عوناً عليها، وتُفقدها كرامتها واحترامها  لذاتها، وتقديرها للواجب الذي تؤديه للأهل .. فهي لا ترجو منك ومن المجتمع سوى التقدير، قدر لها الجهد، وقدر لها أنها أبتْ أن تكون عالةً مثلك على الأهل.  

بائعة القهوة .. هي ليست بائعة هوى يتنافس عليها وإليها عاهر الضمير وفاقدي المسؤولية  

إنها مجرد طفلة أو امرأة، لم يكن حظها وفيرا في متاع الدنيا  

قد تكون أمّا لأيتام أو أختاً..هي إنسانة وليست في مزاد للبيع.  

تذكر أنّ ما بها من ألمٍ وحاجة ليس إلا نتيجة غرائزيتك ونزواتك والتي قصّرتْ تفكيرك ما بين صدرها وفخذها، وتنصلتَ لأجل ذلك عن واجبك، فتذكر أنها لم تخرج إلى الشارع زاهدة في نفسها وشرفها.  

إنها تملؤ فراغا أنت تاركه وصانعه، وكما أنها توفر متطلبات معدتك وملبسك .. أُتُكرمها في أن تسميها بائعة قهوة وتفكر فيها كعاهرة!  

 

الكاتب والقاص

  حمد موسى