قالت: «نحن – الإناث – لا نحب ان لا يكون الرجل مقبولا لدى صديقاتنا، وكأننا نحبه في أعينهن، لا نحب إن لم يكن  يحظى بذلك القبول والهالة، نعشق الرجل بقدر ما تتناوله ألسن النسوة في المجالس .. كلما زاد وارتفع سهمه في بورصتنا، زاد تعلقنا به وتمسّكْنا به؛ وإن كان غريب الأطوار.

 

إذا لم يكن ما يُحكى عنه يحفز مراكز الغيرة فينا .. لا نَعُده صيدا ثمينا.

 

أخذتْ نفسا عميقا، وعدلّتْ من جلستها وأردفتْ قائلة: 

 

وبعد الزواج .. بعد الزواج

 

نكره أن تطال الأنثى محاسنه.

 

مقتطف من القصة القصيرة لصاحبها/ حُمّد موسى

 

حبيبتي أمل: هادئة جدا، كأنها الليل في سكونه، وهادرة جدا وكأنها البحر في مده وجزره، إذ غاظها أمر فيني؛ تبدو كأنها غير مبالية  .. ولكن ابتسامة فاتنة في وجهي تثير قلقلها. لا تطيل الحديث ولا النظر في شيء، خفيفة في تواجدها المكانيّ، وثقيلة بتواجدها العاطفي-الحسي. هي أنموذج الإنسان الحر، لا يقيدها إلا حياءها، تكسو الجمال حياءً، ويكسو الحياء جمالها، قصر الكلام حديثها.

 

في كتابها الحب إحساس لا يمكن أن نعيشه إلا مرة واحدة، يأتي بغتة ويُعاش مرة، وهو الفعل وليس مجرد كلمات وعبارة منمقة، وكما أن الغَيْرة لبرهان على اكتمال درجات الحب، وتُزيد «ينبغي أن تكون الغيرة مقيدة ومُحْكمة بالعقل». فالحب الذي لا يقترن بالغيرة لكافٍ أن يجعل الرجل في قفص الاتهام وأن يعرضه للمساءلة والمحاكمة.

 

إن لم تكن حبيبا ذكيا سبر أغوار نفس الحبيبة، وعالمٌ بخبايا نفسها وفطنٌ، ستقع في دوامة لا تنتهي،  لا يومٌ سيخلو ولا لقاء من تلك الأسئلة المبطنة الشك حينا، وتكشف الخوف والأمل حينا آخر.

 

تفاجئك بالمرافعة – التي لا يحدها زمن ولا مكان – وتطالبك أن تكون صادقا بالأجوبة:-

 

متى وقعت في حبي؟

 

ما هو أكثر شيء يجذبك إليّ؟

 

لماذا أنا؛ وفي معجبات كثيرات؟

 

كل هذه الأسئلة مقدمات لسؤال مهم وبالغ الخطورة: لماذا لا تغار؟ | أجزم أنني أكثر من تعرض لهذا السؤال.

 

حبيبتي أمــــــــــــــــــــــل: باغتتني في إحدى لحظات تجلي جنون العاطفة، وارتفاع أدرينالين الحب لديها، أتحبني حبيبي؟ أجبتها بنعم، وزادت، لماذا لا  تغار علي إذاً؟ إن فلانا يغار على حبيبته جدا، يتصل يوميا أكثر من ... (قالت رقما كبيرا)؛ وسألتُ - راسما ابتسامة استغراب على وجهي- هل يناقشون في التغير المناخي والاحتباس الحراري؛ أم يتباحثون في إحلال السلام ونبذ العنف الرمزي؟ وبكل هدوء وبراءة أجابت: يطمئن عليها، ويسألها عن مشاويرها ومع من تكلمت .. وحتى يسألها عن أكلها و ... تأخذ نفسا عميقا، وتزيد: لا أطلب أن تكون مثله، إن ما يفعله جنون محض وتضييق على حريتها، كلما أرجوه حبيبي مكالمة ورسالة، ولحظة حبّ تكشفه الغيرة.

 

فأجبتها، متسلحا  بالغرور، ومستعينا بحالتها المزاجية الهادرة – فهي التي تنسى كل شيء، فلا تتذكر أي كلام قالته وقيل فيها؛ إذا حلّ الهدوء – أنا أغار

 

 

مثلي .. لا يغار ولا يُسْتثار

 

مثلي ... يراقب، يغازل

 

 أينما الجمال تجدني .. فهل مثلي يغار؟

 

البقية في العدد القادم

 

الكاتب والقاص حمد موسي