كل مستقبلي ارتبط بها، وكيف أهجر مستقبلًا حلمته رسمته معها.

ويرتفع صوت العقل: تستطيع بإمكانك إعادة التصميم والتخطيط للقادم طالما لديك حياة حرَّة مستقلة، حياة تعيشها بأسلوبك، لا يكدِّرها شيء ولا التزام، فقط ستكون «أنت» ويختفي من تفكيرك «نحن»، ستعيش حياتك بما يُناسب طموحك، ستعيش حُرًّا.

 

لمحتْ عينه اليمنى فتاة تنطلق كسهمٍ أطلقه رامٍ محترف.. تحمل بيدها حقيبة سوداء، وشعرها الكثيف الأسود يغطِّي خصرها، فقال سبحانك يا من أحسن تقويمها، وقفت الفتاة على رصيف وسط الشارع، ثم أخرجت من حقيبتها حاسبها اللوحي (تابلت)...

لبرهة فكَّرَ أنها تتبرع له برقم أو... فرفعته بمحاذاة الأذن وأوقفتْ تطبيق (توك توك) وكأنها لم تكن..

 

« هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً.. لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ».. كرَّرَ هذا البيت من قصيدة البردة ولا يدري لماذا تذكره الآن..

 

ومن أعماقه سمع صوت أسطورة الأغنية العفرية وعندليب القرن الإفريقي

 

Abdallah lee:

 

Biqidak le soltimaa kee qaxa

 

Data laysi kak mayxay gufa

 

Fillay doqor lee tetik  yaaqure

 

الترجمة 

 

«لها من الظبي وقفة وجمال

 

وشعرها الفاحم ملامس لخصرها

ويخفي حسن جيدها»

ما هذا الشجن في صوته الآن، وما جمال هذه الكلمات، تملكه شعور وإحساس بأن للأغنية معنىً جديدًا.. أم أضيفت هذه الكلمات في الأغنية من خياله، ولِمَا لَمْ يشعر أو يتلذذ بها لهذه الدرجة قبل الآن؟

 

هذه أول مرة تجذبه غير السمراء وأول مرة يرى الجمال في غيرها،

قال لنفسه إنها خيانة!!  كيف لكَ أن تُعجب بفتاة من نظرة واحدة، ومن نظرة خاطفة، كيف تخون ثقتها وحبها، هل سيرضيك لو هي التي أُعجبتْ بشاب، ولمس عيناها إطلالة شاب وسيم، وماذا لو علمتْ هي أن فتاة كالسهم انطلقت أمام بصرك قد أصابك منها الجمال بمسّ؟ هكذا عكَّرَ عليه القلب فرحته بالجمال.

العقل: ما الذي سيضرك في ذلك وما الخيانة التي تُحدّث به نفسك، أليست هي التي تتلاعب بمشاعرك ولم تجاوب على أسئلتك تقديرًا لمشاعرك كحبيب، ومن ثم ما الذي يربطك بها الآن؟

ألم تقرر قبل أن تخرج أنّ كرامتك فوق كل اعتبار وأنها لم تعد فتاتك المدللة؟

فكر.. ما حدث لك الآن دليل قاطع أنك العيش ورؤية الجمال كما كنتَ تراه سابقًا وبعيدًا عن سلطان جمالها أو حُبِّها.

فأنت استرجعت قدرتك على رؤية الجمال كونه جمالًا -بغض النظر- عن جنسه ونوعه، وبغض النظر إن كان في البشر أم في الطبيعة، استمتع بالجمال منظرًا أين كان وفي مَن كان، فلا تحرم نفسك من العيش حُرًّا طليقًا.

 

يا زول.. يا زول -أي يا شخص/ بني آدم-

 

قاطعه حمادا الكريبّاوي.. ينادينه ليستلم طلباته

 

ابتسم له ثمُ قال: ليس كل أسمرٍ يا زول

 

وبادله بيبو (الكريبّاوي) ابتسامة عريضة ومازحه قائلًا:

 

Ayka Yo Maribbishin

 

الكاتب القاص / 

حمد موسى