هذا قرارك.. قالوا: أنت مرتحل بئس القرار وبئس القوم، ما فعلوا؟

قدّمت عذري مشفوعاً بحجته لكن حجّتنا هانت ولا حيل 

أحبُّ عَرْتا وأقصى الغرب لم أرهُ من قبل، كيف إلى المجهول أنتقل؟ 

أهوى الضباب إذا ما لفّ بلدتنا يعانق السحب والأجواء تعتدل 

عرتا الجمال وصعبٌ أن أفارقها البحر يأسر والشطآن والجبل 

أرض المحبة والإكرام شامخة دار السلام فسائل من بها نزلوا 

ضيوف صلح أقاموا في مرابعها وصلح عرتا عظيمٌ ما له مثل 

قالوا: أتهذي؟ أمن مسّ ومن ضرر؟ ماذا بعقلك؟ ما أغواك يا رجل؟ 

كتمتُ أمراً ولكن كيف أقنعهم آهٍ وآهٍوآهٍ.. ليتهم قبلوا 

ذهبت للطب مكسورا فما وجدوا عذراً يقاوم.. حتى كدت أنتحل 

ماذا أقول وهل أفشي وأخبرهم أن المرام هــــنا تلميذتي أمل؟ 

حبيبة القلب كم عانيت أرقبها من دون بوحٍ ونار الحب تشتعل 

وأستمد صفائي من بشاشتها ويسرح الذهن إن ضاقت وينشغل 

عند التأخر لا أنفكّ أنشدها      أسائل الفصل مهمومًا: متى تصل؟ 

غيابها مؤلمٌ مؤذٍ وإن حضرت فلست أقوى على بوح.. فما الخلل؟ 

لطيفة الطبع عرتاوية فضُلت في حسنها قمر.. في لفظها عسل 

درّستها سنوات وهي جاهلة مأساة حبّي.. هل أُبدي وأتّصل؟ 

ماذا بربك لو راسلت مرتجياً ماذا يقولون عنّي: ساقط غزل؟ 

خوفاً من النشر ما صارحتها أبدًا وكيف تعرف أنَي عاشق وجل؟ 

لو لم أكن - ليت أشعاري – معلّمها لما ترددت في التعبير أرتجل 

صغيرة السن قد تفشي صبابتنا وهيبة العلم قد يهوي بها الزلل 

إن القرار قرار النقل باغتني وقد أصرّوا فلا مدّ ولا مُهل 

لازمت سُكناي شهرًا أكتوي ألمًا أسامر الليل لمّا ضاقت السبل 

حضّرت نصّاً بديعاً كي أخاطبها فخانني الحفظ لمّا رمتُ والجُمل 

واجهتها عند باب الفصل مرتعدًا وكنت أزعم قبـلاً أنّني بطل 

فاتحتها بسؤالٍ كيف والدها    قالت: بخير وشكرا، وهي تختزل 

والأهل والصحب؟ ولّت نحو قاعتها يا ليتها سمعت واللفظ مكتمل 

كانت تحادثني لولا تأخّرها   عن مطلع الدرس والتحضير والخجل 

وربما جهلت  شكلي وما عرفت أنّي المعلّم.. بان الضُمْرُ والوهَل 

شكوت يومًا إلى خلّ فأرشدني إلى ذوي أمــــــل، يحدوني الأمــــــل 

وقال لي إنهم قومٌ ذوو قيمٍ      لا يخذلون.. وبالأعراف نمتثل 

شددت عزمي تمهيدًا لخطبتها وأسأل الله أن ترضى وأبتهل 

وتلك قصة حبٍّ طالما كُتمت اليوم أكشفها.. فليروها أُغُل* 

  

1. *أغل: جبل مشهور في عرتا 

                                         شعر: زكريا حسين