جمعني مشواري المهني الممتد لما يقرب من عشرين عاماً، بالعشرات من الزملاء داخل منظومة العمل، وخارجها، وجدت أن القاسم المشترك بينهم، التطلع نحو النجاح والتميز كل في مجال عمله واختصاصه.

 كما صادفت خلال فترة الدراسة التي سبقت الحياة العملية، بآخرين كُثُر، لا يملُّون من سرد قصص أناس تمكنوا من تخطي الصعاب ومعانقة النجاح، بل وضعوا بصماتهم على المجالات التي انخرطوا فيها، فباتوا مضرب قول أمير الشعراء أحمد شوقي 

وكن رجلاً إن أتوا بعدهُ : يقولون مرّ وهذا الأثر 

 في كل مرة تثبت الأيام -بما لا يدع مجالاً للشك- أن هذه الأمنيات لا ترى في الغالب الأعم إلى النور سبيلا، وأن مطلب الجميع في الوصول إلى النجاح والتميز، لا يكاد يتحقق على الأرض، لكنه يبقى في «خانة المأمول».

 غالبية آمال البشر وطموحاتهم الدنيوية تذهب –إلا ما نذر- مع أدراج الرياح، لأسباب نتفق عليها أو نختلف، من المؤكد أن من بينها البحث عنها في غير موضعها، وتسخير القدرات والطاقات الهائلة في أمور لا توصل طالب النجاح إلى النتائج المأمولة وما أكثر هؤلاء في هذا الزمن. 

خذ على سبيل المثال لا الحصر، أولئك الشباب –وهم ليسو بقلَّة- الذين يقضون جُلّ أوقاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي ولاسيما الفيسبوك أو اليوتيوب أو غيرهما سواء أكانوا في محيط العمل أو في غيره إما بالتصفح أو بإنزال صور وفيديوهات أنتجها غيرهم، ثم لا يفيقون من غفلتهم إلا بعد أن يبلغ منهم الإرهاق والأرق مبلغه، ولا يخرجون منها بشيء، ولو بخفي حنين...  

 غير بعيد عن هؤلاء نجد آخرين يضيعون الساعات الطوال بصورة شبه يومية في مجالسة الأصدقاء وتبديد الطاقات في الأحاديث الجانبية والتباهي والثرثرة، دون أن يخصصوا ساعة واحدة لرسم مستقبلهم أو تحديد هدفهم في الحياة ... فأنى لهؤلاء أن يعرفوا إلى النجاح طريقاً. 

 يقول أحد الحكماء «إن قاعدة النجاح الأولى التي تعلو على أية قاعدة أخرى، هي معرفة كيفية تركيز الطاقة وترويضها وتوجيهها إلى الأشياء الهامة، بدلا من تبديدها وتشتيتها على الأمور التافهة وغير المجدية. 

كما أن من أبرز عوامل الفشل الافتقار إلى تحديد أهداف واضحة وواقعية وقابلة للقياس ومحددة بزمن معين، تمكننا في نهاية المطاف من الوصول إلى المبتغى أو ما نسميه النجاح المنشود أو حلما راودنا طويلاً.

 هذا الفشل شبه الجماعي -إذا صح التعبير- في جعل النجاح حليفاً مستداماً، حقيقة جد مُرة نتجرَّعها بغصة رغم أنوفنا، وربما إدراكنا لذلك يكون الخطوة الأولي في تصويب المسار الخاطئ الذي لا نزال نسلكه في رحلتنا إلى عالم النجاح.

مما سبق يتبين أن طريق النجاح وإدراك الأماني ليس مفروشا بالورود والزهور، بل على العكس من ذلك هو سبيل وعر محفوف بالأشواك، وتحيط به التحديات والصِّعاب التي ترتفع وتيرتها أو تنخفض طبقا للمُبتغى والمنشود.

يقول خبير التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية إبراهيم الفقي الراحل « إن رحلة النجاح، لا تتطلب البحث عن أرض جديدة، ولكنها تتطلب الاهتمام بالنجاح، والرغبة في تحقيقه والنظر إلى الأشياء بعيون جديدة.»

أخيرا ما أروع أن نختم حديثا بهذه المقولة الرائعة.. لا يصل الناس إلى حديقة النجاح، دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات. 

 وللحديث بقية 

 

بقلم/ 

محمد عبد الله