يعدُّ التعليم من أهم العوامل الثقافية التي تؤثر في تقدم الأمم وتطورها وازدهارها؛ لذلك توليه الدول والحكومات أهمية بالغة، وعناية كبيرة، وتسعى دائماً للرقي به، ليواكب المعايير الدولية، والمقاييس العالمية لجودة التعليم؛ لتكون مخرجاته ملبية لسقف التوقعات، ومستوى التطلعات الوطنية.

ولا شك أنَّ المعلم هو عنصر مهم من عناصر التعليم، وجزء أساسي من العملية التعليمية، وأنّ جودة التعليم وتميزه مرهونٌ بجودة إعداده وتميز تكوينه، واستشعاراً من حكومة بلدنا الحبيب لأهمية المعلم ومكانته في التعليم، وضرورة تأهيله وإعداده، لينعكس ذلك إيجاباً على جودة العملية التعليمية، وازدهار النظام التربوي الوطني فقد أسست الحكومة بالتعاون مع دولة اليابان الصديقة  مركزاً وطنياً لتكوين المعلمين وتدريبهم سُمي بمركز عمر جيله أحمد تيمناً باسم والد فخامة رئيس الجمهورية الذي يعدُّ أول معلم في التعليم النظامي الوطني في جمهورية جيبوتي.

ويعدُّ مركز عمر جيله أحمد لتدريب معلمي التعليم الأساسي مركزاً تعليمياً متميزاً، وكياناً تأهيلياً شامخاً أُسس وفق آخر ما استقرت عليه قواعد الهندسة المعمارية في بناء وإنشاء المراكز التعليمية والمؤسسات التربوية، ويتكون من مكاتب إدارية مجهزة بأحدث المعدات  والأجهزة اللازمة، وفصول تعليمية مؤثثة بالطاولات والكراسي والسبورات، وقاعات ذكية بها أهم الأجهزة والأدوات التي توصلت إليها تكنولوجيا التعليم، ومدرجات كبيرة للقاءات العامة والمناسبات المهمة، كما أنَّ به مكتبة تربوية وثقافية عامرة بالكتب العربية والفرنسية والإنجليزية بمختلف التخصصات التي يؤهل فيها المركز، ويوجد بالمركز مقهى ترفيهياً يرتاده المكونون والمتدربون والإداريون في أوقات الفسح؛ لتناول المشروبات الساخنة والباردة، والمأكولات الخفيفة والمكسرات؛ لتجديد نشاطهم.

ومن أهم الخدمات التعليمية والتكوينية والتأهيلية التي يقدمها المركز تدريب وتكوين معلمي التعليم الأساسي بمختلف تخصصاتهم ولغاتهم قبل انخراطهم في مهنة التعليم، ونزولهم إلى الميدان على أيدي مكونين ومدربين يحملون إلى جانب خبراتهم العملية الممتدة في ميدان التعليم درجات علمية أكاديمية عالية من جامعات عريقة، ومن الخدمات التي يقدمها المركز أيضاً تقديم دورات تأهيلية وتطويرية للمعلمين الذين هم على رأس الخدمة في جميع مدارس العاصمة والمحافظات الداخلية في أوقات الإجازات التعليمية؛ وذلك لضمان مواكبة المعلمين لكل ما يستجد في ميدان التربية والتعليم من أساليب وطرق للتدريس، ووسائل وأجهزة للشرح، وأفكار وآراء في التعليم، ومحاولة حل أهم المشكلات والصعوبات التي يواجهها المعلمون أثناء أداء الرسالة التعليمية في الميدان.

وزبدة القول: فإنَّ مركز عمر جيله أحمد مؤسسة تعليمية وطنية في الغاية من الأهمية؛ مما يوجب العناية بها لتستمر في العطاء والتألق؛ لتدريب أجيالٍ من المعلمين الأكفاء المتسلحين بالعلوم والمعارف التربوية، ليسهموا في جودة مخرجات التعليم، وتخريج أفواج من التلاميذ المتميزين معرفياً ومهارياً؛ ليشكلوا إضافة نوعية في الحياة العملية الجيبوتية، ويكونوا عناصر فاعلين في دفع عجلة التنمية والاقتصاد الوطني.

 

محمد شاكر عرب

كاتب وباحث في البلاغة والنقد الأدبي