سبق وأنا أشرنا في الجزء الأول من الموضوع المنشور في عدد الاثنين المنصرم، إلى أن نجاح المرء في تحقيق الأهداف يظل مرهوناً بمدى الجهد المبذول لمعتمد -بالدرجة الأولى- على خطة عمل مدروسة بعناية تتضمن أهدافاً واقعية وواضحة المعالم وقابلة للقياس ومحددة بزمن معين، وهو ما نغفل عنه في الغالب الأعم في سعينا الحثيث للوصول إلى التطلعات والآمال وترجمة الأحلام إلى حقائق ملموسة على الأرض. 

كثيرة هي العوامل التي تضمن لنا معانقة النجاح لعل من أهمها بعد تحديد الأهداف التطوير المستمر للذات من خلال التعمق في مجال الاختصاص واكتساب المهارات الضرورية، وإدارة الوقت بشكل جيد، من خلال التقيد على المبادئ الأساسية لفن تنظيم الوقت بعيدا عن الفوضى والتشتت الذهني.   

من كل ما سبق يتبين لنا بأن طريق النجاح محفوف بتحديات وعقبات لا تقل عن تلك التي تحدث عنها الإمام الشافعي في قوله :. 

 

كَيفَ الوصولُ إِلى سُعادٍ وَدونَها                      قُــلَلُ الجِــبـالِ وَدونَهُـنَّ حُـتـوف 

 

وَالرَجـلُ حـافِـيَـةٌ وَلا لي مَركَبٌ                وَالكَــفُّ صِـفـرٌ وَالطَـريـقُ مَـخـوفُ 

 

إن من أهم العقبات التي تشكِّل سدا منيعاً بين المرء وأهدافه عدم ثقته في قدراته الشخصية، والتسويف، والمقارنة مع الآخرين وقبل ذلك الخوف من الفشل، الذي يعد بمثابة مجداف نحو النجاح. 

 وعلى الرغم من تلك العوائق التي لا يمكن حصرها في هذه العجالة، فإن الإرادة الحقيقية المقرونة بالإصرار -كما يوق المختصون- تظل كفيلة بأن تمكِّن صاحبها من تخطيها والوصول إلى بر الأمان، بل إن قوة العزيمة هي أساس النجاح وجوهر زيادة فرص النجاح لتحقيق شيء معين، فهي تساعد الفرد في البقاء بنفس روح الحماس التي تدفعه لمواصلة عمله، وتحقيق أهدافه التي يسعى لتحقيقها. 

 وفي مقارنة فريدة من نوعها بين صاحبي العزيمة القوية والضعيفة يقول أحدهم « في الوقت الذي يستطيع فيه صاحب العزيمة القوية تحقيق ما يشبه المستحيل، فإن صاحب العزيمة الضعيفة لا يصل إلى مرامه بسبب الكسل والتخاذل، وتدني الإرادة، وتفضيله للراحة على حساب أهدافه. 

إن لإصرار النملة التي تتسلق –رغم ضعفها- الشجرة، فلا تيأس أبدا ولا تمل أو تسمح للإرهاق أن ينال منها، بل تواصل كفاحها متحدية السقوط حتى تنجح في الصعود من أعظم الدروس المشهودة في  عالم النجاح. 

في هذا الصدد يُذكر أن أعرابياً سافر لقضاء حاجة فلما تعب من السفر جلس يفكر في عودته من سفره، فرأى نملة تصعد صخرة فتسقط ثم تصعد فتسقط مرات كثيرة ثم صعدت حتى علت الصخرة فقال:أنا أحق بالصبر والمثابرة من هذه النملة فواصل سفره وأدرك مطلوبة وقال: 

 

   اطلب ولا تضجر من مطلــب فآفـــة الطـالـــب أن يجــرا

                            أما ترى الحبل بطول المدى على صليب الصخر قد أثرا 

 

إن حياتنا تزخر بقصص نجاح واقعية ملهمة لأشخاص بدأوا من الصفر، واعتلوا القمة بهممهم وبالمثابرة والانضباط في شتى المجالات، يمكننا اليوم أن نقتفي أثرهم، فعملية الوصول إلى النجاح تحتاج إلى شخص مُدرك أهدافه بطريقة جيدة، والإنسان الطموح هو الذي يصل إلى النجاح بالصبر والجهد الذي دائمًا هو المفتاح الحقيقي لنجاح أي إنسان. 

أخيرا إن الوصول إلى النجاح يتطلب حتماً تحويل الانكسارات إلى انتصارات، والعمل عل تطويع العقبات وتحويلها إلى نجاحات باهرة، ولنتذكر دوماً « أن  الذين يواصلون المحاولة بنظرة إيجابية للأشياء هم فقط وحدهم من يحققون النجاح. 

 

بقلم/ 

محمد عبد الله