بحلول يونيو المقبل، يكون قد مضى ثلاثة أعوام أو يزيد قليلا منذ توقفي عن التصفح اليومي والمنتظم لحسابي على الفيسبوك..أشهر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يمكِّنني من إجراء مقارنة -ولو شبه واقعية- للفترة السابقة التي استحوذت فيه هذه الشبكة الاجتماعية الكبيرة على جُل وقتي و تفكيري معاً، وما تلاها من أعوام وأشهر، تحررتُ فيها من القيود التي طالما شدتني إليها في ظل تراخي إرادتي للمقاومة والرفض.   

كغيري ممن امتنعوا عن الاستخدام المفرط أو السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، نجحتُ –نوعاً ما- في إدارة الوقت ووضع خطط نموذجية للاستغلال الأمثل للفراغ بعد سنوات طويلة أعتقد جازماً أنها ذهبتْ فيها الكثير من ساعاتي وأيامي في مهب الريح،حتى تلك الصور والمشاهد التي كان يزخر بها الفيسبوك لم تعد الذاكرة تستعيد منها شيئا يُذكر.   

في لحظة مفصلية بادرتُ إلى اتخاذ قرار رأيتُ أن الضرورة تستدعيه، ألا وهو الامتناع والتوقف عن التصفح اليومي للانترنت بشكل عام، وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل خاص والفيسبوك على وجه أخص، وتوجيه طاقتي إلى جونب أخرى من الحياة، كقراءة القرآن من المصحف الشريف والاستماع إلى تفسيره، أو مطالعة كتب مفيدة والتعمق أكثر في مجال تخصصي» الإعلام» بل وممارسة رياضة المشي أو السباحة، أو تخصيص المزيد من الوقت الإضافي للأسرة، وقضاء وقت ممتع مع الأصدقاء المقربين، وعقد مناقشات مثمرة معهم في مختلف المجالات.   

لقد ودَّعت بما لا يدع مجالاً للشك تلك الغفلة الممنهجة عن أهمية الوقت وتنظيمه وإدارته بما يعود بالنفع والفائدة، وصرت على العكس من ذلك أتعلم مهارات جديدة لتعزيز معارفي، بل أصحبتُ اليوم أكثر حرصا على الدقائق أكثر من أي وقت مضى.   

إن استعراض هذا التحول في مسيرة حياتي، لا يعني بالضرورة أنني أعتبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفيسبوك هي شر مستطير جملة وتفصيلاً، وسلبيات جمة في كل وقت وحين... لكن الغالبية من روادها ومستخدميها يجدون أنفسهم سجناء العالم الافتراضي دون أن يدركوا الاستخدام الأمثل له، والاستفادة من فوائدها التي لا يسع الحديث للغوص فيها في هذه العجالة.   

لكن على الرغم مما أسردتُ إلا أنني أقر في ذات الوقت على أن المرء الذي يعيش في عصر الانفجار الرقمي وثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لن يكون قادرا بالمرة على فك الارتباط مع الشبكة العنكبوتية بأي جال من الأحوال، بل إن الحاجة إليها تزداد مرة بعد أخرى.. وليس المطلوب هنا سوى الاستخدام المقنن لها.. وإلا فما هي إلا متعة مفيدة أم مضيعة للوقت تعقبها حسرة تدوم. ...   

وللحديث بقية   

 

بقلم / 

محمد عبد الله عمر