ولقد سألتك بعد كل فريضة عن معنى الحبل السري، وهل يستطيع أن يستبدل الذكور بالإناث أم العكس كذلك؟

طال صمتك، وقد اعتدت على ذلك، تمتنعين عن الحديث بعد كلّ صلاة، وأنا لا أكف عن الثرثرة، تبتسمين لسؤالاتي وتكتفين بالإيماءات، إلى أن مللت الانتظار، ونفذ صبري، وأفرغت كل ما في جعبتي من الكلام.

لماذا تخفين الحبل السري عني يا أمي؟

أريد أن اخبره بأني أرغب بتوأم ذكر

لماذا لا توصلين الحديث إليه نيابة عني؟

أغرق بطن أمي دوما بوابلٍ من القبلات، وأترقب انتهاءها من الصلاة

ظنا مني أن الحبل السري سيشفق علي يوما وسيمدني بتوأم

وأن وقت الصلاة وقت مناسب لي ولمبتغاي.

أشفقت والدتي على حالتي، وبدأت تشرح لي قائلة:

الله؛ هو من يضع الأنثى والذكر في أحشاء الأمهات، ونحن الأمهات يا بنيتي ندعو الله بأن يرزقنا ذريةً طيبة _صالحة_مسلمة، وكل ما هو من عند الله جميل.

أما ذلك الحبل فيكون في رحم المرأة أولًا؛ يحمل الأوكسجين والمغذيات من الأم للجنين، ثم يخرج مع الجنين، فهو يا ابنتي رابط بين الأم وجنينها، وليس بيده أن يمنحك شيئا لا ذكورا ولا إناثا.

سكت هنيهةً، وبشيء من الاستياء والتردد، سألتها وقد كسى صوتي بعضٌ من التحدي والأمل؟

-أمي أين تضعين الحبل السري بعد ولادتنا؟

وأين حبلي أنا؟

أريدُ أن أراه.

وبنشوةٍ طفوليةٍ هرعتُ نحو غرفتي أتفقد أغراضي القديمة؛ عروستي المفضلة تلك التي اسميتها باسم والدتي.

كنت أدندن وأنشد لعروستي، واليوم أريد أن اربط لعروستي حبلا سريا، وأقوم بكل الطقوس التي تقمن بها الأمهات لأبنائهن.

استغربت والدتي من سرعتي ودخلت إلى غرفتي لترى ما أصنع، وإلى أين سنصل بهذا الموضوع؟

قلت لها: أمي، أنا سأربط لها الحبل السري وسأعمل لعروستي مثلما عملتِ لي أنت.

عجزت والدتي عن التعبير وقد امتلأ وجهها دهشًة.

كبرت واليوم اسرد حكايتي لأحفادي

والحبل السري ليس إلا توصيلة يوصل الشاحن من الكهرباء إلى الجوال، وتعلمت أن الموضوع كان أكبر من أن افهمه وأنا بهذا الصغر.

 

بقلم: 

مريم شريف