حبيبتي أمل: 

غبت عنك فترة لا أذكـر تفاصيل ما مر بي مـن أحداث، وما  انعطفتْ إليه حياتي، من الأحـداث ما نمر عليها فتصبح ذكري وأخرى تمر عبرنا (خلالنا) فتصبح أثراً، حبيسة النفس: كل حدثٍ دونك وبغيابك أثرٌ، ومعك وبرفقتك ذكري، حتى أحـزاني معك ذكرىً أتمسك بحبلها الغليظ على روحي بحثا فيها عن تفاصيل حبكـ وجمال إنسانيتك.

 

هـذه الحياة وإن طال العيش فيها قصيرة، نرحل منها كما جئنا... وكل ما كان يبقى، وما كان، وسيكون يُدفـنان معاً في كفنٍ ولحد واحد. وما يمضي منها وأنا بعـيدٌ عنك ومضةٌ، وكــقصة قصيرة جـدا، يحاول صياغة أحداثها (حُـمّـد كـامل) بقلمــه التائه .. لقصور رصيده اللغويّ والمعرفيّ، حيث يُتيه القارئ، ويُخرجـه بخدشٍ في عقله؛ لا يعلم: ماهـيته!

 

أتظنّين بيَ ظنّ الحبيبة الغيـورة يا أمل؟! 

هذه الروح التي في جسدي لا تقدر على خيانتك أو هجـرك إلى حضنٍ آخر، لا يُحسن فـنّ التعامل مع جنـوني: الذي يعتريني كلما لمحتُ جمالاً مقبلاً إليّ أو مُـدبرا ً عنـي... من هي التي تستطيع أن تُخمد في عيني نار بقايا فتاةٍ فاتنة إلا أنت،  بابتسامةٍ تمحين كل ما تعلّق في نظري من النساء الجميلات.. بنظرة منك يتحوّلنَ إلى عابرات سبيلٍ، لا يمكثنَ... ولا يلج إلى قلبي منهنَ شيء. 

 

كنت سأكتب إليك اليوم  عن قصـة، ولكني وجدتها أقلّ أهميـة وأنها عبثٌ في عبث، لم أجـدها بقدر يليق؛ لأن تكون أول بثٍّ يبثّــه قلمي في أول لقائه مع الورق بحضرتكـِ من بعد هذا الغياب،  الذي أسـنتْ فيه ومنــه روحــيْ. ووددتُ لو أنّي أحدثكـِ عن قصــة (فأر  طفيلـيّ في مكتبنا)، هل سمعتِ عن طفيليـات المكاتب المضرة! فأدركتُ في لحظـة ما قبل الإرسال بأنّه: لا يستهويك هذا النوع من الحيوانات السائبة والنافقـة. حيث في بلاط الحـب تخضع الرقاب للمحب، ونوافل القول لا تحكـى. 

___________

 

ثم اهتدى قلمي إلى قصيدة محمود درويـش:

∆ قصيدة عن حكاية إنسان

∆ عن النسيان والجحــود.

 

وهي في نظــري نشيد إنسان حــر، لأنّ الخــوف هو القيـد الحقيقيّ والمانع الفعليّ، والذي يحول بين الإنسان والاستمتاع. وفي هـذه الرائعة يذكّر درويــش البشر سُنـة الكون الزوال، وجحود بني الإنسان لأخيه: كأنه لم يكن هنا يوما، لـم يأت إلى الحياة، أو مكث فيها عمراً. لكن رغــم النسيان والجــحود يؤكــد: أن الحـرية هي أثر هذا الكائن المنسيّ، فيقول:

«تُنْسَى كأنك لم تكن

 تُنْسَى كمصرع طائرٍ

 ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى

 كحبّ عابرٍ وكوردةٍ في الليل.... تُنْسَى»

  يتابع.. فيُنهي القصيرة بـ: 

  «فأشهد أنني حر وحيّ حين... أُنسـى».

__________

 

حبيبتــي أمــل: 

أشهــد أنني حـر حين أغيب

وحـيٌّ حين ألقاكِ.

 

___________________

رمضان مبـارك يا أملـي

وكل عامٍ، أنت أملي... 

 

بقلم الكاتب والقاص/

حمد موسي