جلست على حجر اسمنتيّ أمام مركز تجاري (نوجمبري) بعد ظهيرة ثلاثة أغسطس، على حجر اسمنتيّ تزينه نتوءات حصوية، لا تظلله شجرة أو مظلّـة.. تلتقطها عدسات عيون المارة والواقفون، يكتظ  حولها الواقفون والمارون، بين متنظر لسيارات (أرحبا _ UNFD) أو باصات (هـدن بلونجيري) أو منتظر باصات حيابلي فينيس، فهي تنتظر.. فتنظر إلى جـوّالها، ليس هناكـ أية رسالـة، تترقب.. تقف دقيقة وتجلس مثلها خمسا. غير عابئة بالمارة والواقفون. صنعت لنفسها حجبا خاصا بها.

يصل شابٌ، بين طول وقصر بمركبة أجرة قديمة، كسرتْ مرآتُها... ولحمتْ أكثر أجزاؤها، تصدر أزيزا كأزيز مكلوم.. ينزل الشاب وتستقبلـه الفتاة بابتسامة بين أشواقٍ قد جمعتْ وطال أمده وبين ابتسامة فرحٍ، لم تعتب عليه، ابتسم لها، في عينيـه لهفـة ورغبـة في أن يحضن، جمع شتات ضعفه وسبقها بخطواتٍ نحو التاكسي.. لم يُفتح له باب التاكسي اليمينيّ؛ وأشار إليه سائقها|مالكها أن يفتح من جهـة اليسار، قائلا: هذا الباب ملحّمٌ وتوقف عن مهامـه منذ زمن، لا يمكن فتحه.

تزوجا بعد عامٍ...

وبعد شهر من زواجهما، قابلتهم داخل نوجمبري، بيدها بعض أغراض اشترتهم للبيت، كانت تقف لوحدها قبالة الكاشير، متأففة ترقب الباب وتراقب ساعة بيدها.

دلف من الباب يُسرع الخُطى، يلهث.. وعلى وجهه قطراتُ ماء.

قطبتْ حاجبها! وقالت:

كل هذا الوقت في الحمام! وبنبرة استغرابٍ

تأفّفتْ:

«تعرف جيدا بأني أكره الانتظار.. ألا يمكن أن تصبر وتحبس، إلى أن ترجع البيت!»

فيرد: لكنك تعلمين بأني لا أستطيع ذلكـ حبيبتي.. يبتسم، ثم يزيد:

سأحاول أن لا أكثر من شرب الماء.. والآن أدين لك بعشاء، فاختاري العشاء والمكان.

تبتسم له، وتقول:

لو تقلل من شرب الماء .. لن تضطر لدخول الحمام، وأنا بدوري لن أضطر أنتظركـ.. لا تضعني بهذا الموقف مرة أخرى.

وتزيد:

لم يعد بإمكاني الصبر.. يجب أن تجد حلاً

تعلم أني أكره الانتظار.. أكره الانتظار.

 

الكاتب والقاص حمد موسي