وسط طريق  ضيق، لا يتسع سوى لمركبتين، شديد الزحام، وكثير الحوادث.. يسوق سيارته، وفي فـيه عودُ أراكٍ بطول خمسون سم، كأنه يهش به من أسنانه بقايا السّنون، يدعكـ... 

 وبيده اليسرى يمسكـ المقود،  ويضغط عليـه كمن يخشى. 

تتحركـ مركبته ببطء، لا يبالِ بالزحام ولا حتى بما يجري حوله ولا بأبواق سيارات ترتفع.. فقط يتسوّكـ ويستمتع بذلكـ.. ينزل ليشتري قنينة ماءٍ تاركا سيارته، وخلفه عشرات

 السيارات... 

يتصاعد الضجيج، ويرفع عليه سائق مركبة خلف سيارته، يشير إليـه بسلام.. ولا يهتم بما يتلفظ به السائق من السباب وما يكيله من شتائم.

فتحتْ الإشارة.. فتحركتْ المركبات

تصاعد أبواق مركباتٍ تقف خلف مركبتـه، وهو ما زال على شباكـ البقالة، يمازح البائع ويبادله هموم نفسه: الذي يوزعها كرياح تحمل حبات قمحٍ وأوراق شجر، فتسقطها أينما خفتْ

 وضعفتْ قوته؛ وفي طريقه إلى المركبة يشاكس فتاة نزلتْ من مواصلة عامة، وهي تبتسم له دون أن تلتفت إليـه، ويحيي بإماءة متسولاً يخنق رجلا واقفاً.. يطالـه السباب من أصحاب المركبات الواقفة، ينتظرون أن يتحرك ويزيح خردته الألمانيـة.

الجو خانقٌ، والزحام في ذروته .. يجلس أمام المقود ويتحركـ، مخلفا سحابا أسودا. 

انتهت

_____

ضغائن الحـب

أحبها، فأحبته، وتعلقتْ روحها فيه، وفي يومٍ جاءها عريسا؛ طارقا أبواب قلبها وطالبا وصلها للأبد - مهيبٌ ووسيم، ذو نسب ومال - فأخواتها  عارضن فكرة زواجها، وهي أصغرهن

 عمرا وأوفرهن حظا في الجمال والعلم ... أقنعوها بأنها تستحق من هو أفضل منه،، وأنها .... فأغراها ما قالوا في حسنها من ثناء... ردت حبيبها.

تعيش اليوم وحيدة وكئيبة، وفي صدرها آلام لا تهدأ. تزوج أبوها ثانيةً بعد وفاة الأم؛ أما أختيها لا يجدن فراغا ليطمئنوا عليها - يعشن في هناء وسعادة مع أزواجهن - وكلما

 اتصلتْ،  يتلُون علي سمعها أُحْجية: «الأولاد لا يتركونا لنا الوقت! يملؤون دنيانا وأوقاتنا ... إن الأولاد كذا وكدا ..» ترجع إلى وسادتها باكية.

انتهت

الكاتب والقاص /

حمد موسي