لا يَرتقِي الإنْسَان إلاَّ عِندما يُدرِك حقِيقة الحَياة التَّـافهة الّتِي يعِيشُها.

تشيخوف

---------_

يُمنّي نفسه أن يصير على خطاه، يمشي مشيتـه، يلبس  كأنه استعار من خزانتـه، يرتاد مقهىً قدوته المفضلة، يطلب  الفنجانٍ ذاته، يحفظ نكتـه وكلماته فـيستعين بها في مجلس ما، أو عند فتاة جميلة.

 جمال الأنثى في مخليته بياضُها، وذات يوم قالت له احداهـن: لماذا تقلد (فلانا) .. جرى نحوه وسأله: هل أنا أشبهـك في طريقـة اللبس و ... و ... 

بطلـه يتصف بالغرور والسخرية، فأجابه بنظرة استخاف و ابتسامة باهتة تبدي التهكم: هي تعرف وأنت تعلم أنّ بيني وبينكـ عشر خطوات من المعرفة وعشر سنواتٍ من التمدّن. اللباس: تُصنع لتستر جسد إمرءٍ، ولم تصنع لـ ستر عورات العقول الخاوية، ابتسم.. فزاد:

بين البداوة والتمدن عقل يزن الأمور بميزان الصواب والخطأ، المسموح الممكن، وغير المسموع (عيب)، يا صديقي: لن تُوجِد فيكـ الملابس الغالية ما يهبكـ اللـه، فهي زينة مظهر فقط فليست دليل ثقافـة ومعرفة. أحب نفسكـ بما حملتّ وقدرها كما هي، لا تنسخ شخصية لـتلصقها إلى شخصيتكـ، لن تصبح مثلـه قط، فتفقد ذاتكـ أيضا بينما تحاول التماهى في الغير. 

ابتسم وقال: دع جانبا التفلسف يا صديقي.. هل حقا نتشابه! 

فرد صديقه أحمـد: بـ ايماءة توحي الاستنكار. 

مرت أشهر ثمانية على الحكاية، وشهر من الخصومة بينهما؛ أرسـل المقلد رسالـة تعبر عن أخلاقـه العالية، وعن مدنيتـه الرفيعة كاتبا: «أنتَ ومن على شاكلتك.. « ظنّا منـه بأنها شتيمـة كبرى، ونسيّ أنه كان يرى ذات يومٍ التشابه بينهما فضيلة تدخلـه عالم المدينة والإنسانيـة..! 

استقبل (أحمد) الرسالة بضحكة .. وضع هاتفه جانبا. فقال:

إنها «نهاية حكاية غير متكافئة».

« الببغاء، ببغاء وإن سكنتْ قصرا ذكيا».

‹كل نفس ما خُلقت عليـه وطُبعتْ؛  تلبس وتأكل».

ثم تنفس.. تنفس: 

«الذكـي هو من يدركـ قدراته المادية والحسيـة فيـوظفها، والغبيّ: من يضخم  الذات ويحمل عليها

 فوق ما لا تستطيع».

 

الكاتب والقاص/

حمد موسي