فضلا عن كونها الركن الرابع من الأركان التي بُني عليها الدِّين الإسلامي، تُعتبر الزكاة من القيم الأساسية في الإسلام وهي تحمل أهمية كبيرة في النظام الاقتصادي والاجتماعي للمسلمين. الزكاة تعدُّ أيضاً من أهم وسائل تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع المسلم، من خلال توزيع الثروة والموارد بين جميع شرائح المجتمع، مما يقلص الفجوة الطبقية ويوفر الدعم للفئات الضعيفة. وبمجرد التأمل والتفكر ولو لبرهة قصيرة، في محتوى الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة التي تتناول شعيرة الزكاة، يتبين للمرء جلياً بعض الِحكم الجليلة من وراء إيجاب المولى تعالى هذه الفريضة الشرعية على الأغنياء والميسورين، بل وجعلها سلطانية، ما يضع على كاهل حاكم البلاد أو من يوكله مسئولية وضع الضوابط والقوانين الخاصة بجباية أموال الزكاة من المزكين، وإعادة توزيعها على مستحقيها، ومن ثم تنفيذ هذه العملية على الوجه المطلوب. بتعبير أكثر دقة، تتولى الحكومة دوراً رئيسياً في تنظيم وتحصيل الزكاة وتوزيعها على المحتاجين من أبناء الوطن، مراعيةً الأولوية في عمليات التوزيع، ابتدءا من شريحة الفقراء والمساكين، وبقية الأصناف الواردة في سورة التوبة، وذلك بناءً على الأسس الشرعية التي وضعها الإسلام. إدراكاً منه كل ما تمت الإشارة إليه، وفي مسعىً لإنهاء عقود طويلة اتسمت فيها عمليات توزيع الزكاة بالتشتت والفوضى، ما حال دون تحقيق المقاصد السامية لهذه الشعيرة والقيمة الأساسية التي تضمن بناء مجتمع متضامن، بادر رئيس الجمهورية، السيد إسماعيل عمر جيله، بعد سنوات قليلة فقط من اعتلائه سدة الحكم، بإصدار مرسوم تم بمقتضاه إنشاء هيئة وطنية تكون مخولة بتنظيم وجمع الزكاة وإيصالها إلى مستحقيها، حملت اسم « ديوان الزكاة». هذه المبادرة الجديرة بالتقدير والثناء، والتي أعادت الأمور إلى مجراها الطبيعي، لقيت ترحيباً كبيرا، لاسيما من قبل المزكين من الشركات والأفراد الذين وجدوا في نهاية المطاف جهة رسمية توفر عليهم مشقة تحديد وحصر المستحقين الحقيقين للزكاة وتوزيعها بشكل عادل وفقًا للضوابط الشرعية. ومنذ ذلك الوقت أي في العام 2005، يبذل ديوان الزكاة التابع لوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف من خلال نشاطاته وتوجيهاته، جهودا حثيثة في سبيل زيادة الوعي الشرعي والاجتماعي بأهمية الزكاة ودورها في تحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن والرحمة في المجتمع. وعلى امتداد السنوات الـ 20 الماضية، نجح الديوان في تخفيف أعباء الحياة عن أعداد هائلة جدا من الأسر البسيطة على مستوى مدينة جيبوتي أو المناطق الداخلية الخمسة، من خلال البرامج والمشاريع الخيرية التي قام بتنفيذها وفقا للتوجيهات الصادرة من رئيس الجمهورية، ووزير الشئون الإسلامية والأوقاف. أخيرا يجب التأكيد بأن التجار والأثرياء حين يقدمون الزكاة إلى الديوان لردها إلى مصارفها، فإن ذلك يجلب البركة إلى المال ويزيد من قيمته وفائدته، قبل أن يعكس روح التضامن والتعاون والتكافل التي تسود بين أفراد المجتمع، كما أن دفع الزكاة تعبيرٌ عن المسؤولية الاجتماعية والرعاية المتبادلة في المجتمع المسلم. بقلم/ محمد عبد الله