في أديس أبابا، بدأت قصة حب نادرة بين طالب الجامعة الصومالي والزهرة الاثيوبية الفتاة الجميلة عندما التقيا لأول مرة أثناء رحلتهما من أديس أبابا إلى الخرطوم. كان الطالب الجامعي الذي ذهب لزيارة أهله بعد انتهاء الفصل الدراسي الأول من سنته الأولى في الجامعة، قد قضى وقتا ممتعا مع عائلته، أما الزهرة الاثيوبية فكانت في رحلتها للبحث عن العمل وحياة كريمة في السودان. وكان اول ما لفت نظر الطالب الجامعي لهذه الفتاة الحالمة الجمال الفاتن الذي كانت تتمتع به ، كانت طويلة القامة وممتلئة الجسم، مع أسنان ناصعة البياض وشعر طويل وسلس ينساب برقة على كتفيها، كان صوتها عذبًا وهادئًا، يحمل نغمةً شجيةً وملهمة، بينما كانت نظرتها مليئة بالحيوية والجاذبية، مشيتها كانت تجذب الأنظار، تجمع بين الأنوثة والحياء، مما يبرز أناقتها وتدينها كمسيحية، كانت بكل تفاصيلها تجسد مزيجًا من الجمال الداخلي والخارجي، مما جعلها مهوي فؤاد الطالب الصومالي الذي شغفها حبا وهام فيها من الوهلة الاولي. عند وصولهما إلى الميناء البر ي في الخرطوم، فوجئت زهرة اديس ابابا بغياب من كان يفترض ان يكون في استقبالها، أختها المقيمة في السودان التي اقعهدها المرض عن استقبال شقيقتها في المحطة، ولم يستطع ترك صاحبنا الطالب الجامعي ترك من هفا لها قلبه وحدها في هذا الموقف، ورغم بعد المسافة، قرر الرجل الصومالي السفر من الخرطوم إلى مدينة البحري، في الجهة الأخرى من مثلث المدينة و بعد ساعة من السفر، وصل إلى منزل أخت فتاتنا الاثيوبية، وتمكن من العثور على البيت وتقديم المساعدة اللازمة، مظهرًا تفانيه وحبه الحقيقي. في الخرطوم، اتفقا على الاجتماع أسبوعيًا في محل تجاري يُدعى «دماس»، الذي تحول من متجر لبيع الملابس إلى مطعم ثم إلى محل لصيانة السيارات، هناك، تبادلا مشاعر الحب رغم حاجز اللغة، وكانا يتواصلان عبر الهاتف لأكثر من ساعة في كل مرة، أحيانًا باستخدام مترجم. ورغم اختلافاتهما الدينية، كان الرجل الصومالي، المسلم، يشارك في بعض الأعياد المسيحية لحبيبته، تعبيرًا عن حبه واحترامه، وذلك بما يتوافق مع دينه. كان يستمع أيضًا إلى أغاني تعكس قصص الحب بين الأديان، مثل أغنية الفنان السوداني عاطف السماني، التي تقول: «قصة ريدة بين اتنين بين مسلم ومسيحية أحلف ليها بالإسلام وتحلف بالمسيحية ولي عقيدة ما بتنفع وديني كمان عزيز ليه إلا الريدة ما بتعرف قيود وأديان سماوية تدخل في قلوب الناس زي أفراح ربيعية لكن الحياة لم تكن رحيمة بهما، حيث كانت الزهرة الامهرية تعيش في السودان بطريقة غير شرعية، وتم إلقاء القبض عليها وسجنها في السجن المركزي المخصص للنساء. أما الرجل الصومالي، فكان طالبًا في جامعة إفريقيا العالمية. وعلى الرغم من صعوبة الوضع، قرر الرجل زيارة حبيبته في السجن، حيث اصطحب معه زميلًان له من الجامعة، وفي زيارتهما، لم يكن العاشق الولهان على علم بما هو محظور في عالم السجون ، فأجرى مكالمة مع كبير الأساقفة حيث كانت المرأة تعمل كخادمة في منزله، وطلب منه توفير بعض المستلزمات التي كانت تحتاجها. لاحظ الحراس المكالمة واعتبروها مخالفة لقوانين السجن، فبادروا إلى اعتقال الثلاثة مؤقتًا، وبعد التحقيق، تأكدت السلطات من عدم معرفتهم بالقوانين السارية فأفرجت عنهم. قبل سجنها، كانت محبوبته تعمل وتكسب راتبًا. بينما العاشق الصومالي، كان مقيمًا بطريقة قانونية في السودان، يتولى تحويل جزء من راتبها إلى أهلها في منطقة نائية داخل إقليم الأمهرة الاثيوبي عبر شركات التحويل في مدينة الخرطوم ، ويحتفظ لها بالباقي بكل أمانة ونزاهة ووفاء ، حتى تتمكن من استخدامها عند الحاجة. ومما زاد من صعوبة الوضع فقدانه بعد فترة وجيزة الصورة الشخصية لمعشوقته أثناء انتقاله من منزله إلى منزل آخر، بعد بداية ارتفاع اجارات السكن في السودان وعقب انفصال جنوب السودان ، تلك الصورة كانت تحمل ذكريات عزيزة على قلبه، وكانت تذكيرًا دائمًا بحبهم الذي تحدى كل الصعوبات. رغم محاولاته المستمرة لإبقاء شعلة الحب مضاءة، كان السجن كفيلاً بكتابة نهاية مأساوية لهذه القصة، بعد فترة من الانتظار والألم، أدرك الطالب الجامعي الصومالي أن الفراق قد أصبح حتميًا. وبهذا، طوى صفحة حب عجزت الظروف القاسية عن الحفاظ عليها، وظل «دماس» شاهدًا على ذكرياتهما الجميلة وأملهما في لقاء لم يتحقق. بقلم الإعلامي/ شاكر عيلييه جيليه