في صخب المدينة وضجيجها وحيوتها،يتعانق فيها القديم والحديث ، حيث تتناغم الحياة اليومية مع أصوات الباعة والمشترين في الأسواق ورائحة العتاقة يفوح بها عبق بعض شوارعها.

في احدي احياء هذه المدينة عاش «سالم» الذي كان معروفًا بين جيرانه بطيبته وهدوئه،حياة هادئة مع زوجته، بعيدًا عن ضجيج العالم. لكنه في خفايا نفسه، كان يحمل سرًا لم يكن يجرؤ على البوح به.

في الجهة الأخرى من المدينة، كانت تعيش فتاة شابة تُدعى «ليلى»، تعلقت بسالم من النظرة الأولى. لم تكن ليلى مثل باقي الفتيات، فقد كان قلبها يفيض بالحب والصدق في كل الظروف.

لم تكن تبحث عن رجل ليمنحها الأمان أو الاستقرار، بل كانت تسعى وراء الحب الحقيقي، ذاك الحب الذي يملأ حياتها ويعطيها معنى. بدأت قصة الحب بينهما عندما تعرفت ليلى على سالم داخل وكالة لبيع السيارات في قلب العاصمة.

لم يكن اللقاء عاديًا، فقد شعرت ليلى بأن هناك شيئًا ما يجذبها إليه، وكان ذلك الشعور متبادلًا، رغم تردد سالم في البداية بسبب وضعه الاجتماعي. مرّ الوقت، وأصبحت اللقاءات بين سالم وليلى أكثر تواترًا. كان سالم يجد في ليلى ملاذًا من روتين حياته اليومية، فكان يتواصل معها متى ما شاء، وحينما يرغب في الهروب من ضغوط الحياة.

لكنها كانت ترى فيه كل حياتها، كانت تعطيه كل شيء، حبها، وقتها، وحتى روحها. لكن العلاقة لم تكن سهلة، فكان حب سالم مشوبًا بالتردد والتناقض، وكان يتأرجح بين حب ليلى وواجباته تجاه زوجته وأسرته.

لم يكن سالم ينوي ترك ليلى، لكنه في الوقت ذاته لم يكن قادرًا على التخلي عن حياته الحالية.

بمرور الوقت، بدأت الأمور تتعقد. شعرت والدة ليلى بالقلق على ابنتها، خصوصًا عندما بدأت تلاحظ أن علاقة ابنتها بسالم لم تكن تسير نحو النهاية السعيدة التي حلمت بها.

 حاولت التحدث معها، لكن ليلى كانت متمسكة بحبها، وكانت ترفض الاستماع لأي نصيحة. الأمور ازدادت سوءًا عندما بدأ شقيق ليلى وصديقتها بالتدخل. كان الجميع يشعر بأن ليلى تنجرف في علاقة لن تجلب لها سوى الألم، وحاولوا جاهدين إبعادها عن سالم. أما على الجانب الآخر، فقد تدخل شقيق سالم أيضًا، محاولًا إقناعه بترك هذه العلاقة التي كانت تؤثر على حياته الزوجية، لكن دون جدوى. وصلت الأمور إلى ذروتها عندما اكتشفت زوجة سالم خيانته. لم تتردد في الاتصال بليلى، كانت تصب جام غضبها عليها بكلمات قاسية، تهددها وتسبها، قائلةً إن ليلى ليست سوى لعبة في يد سالم. لم يقتصر الأمر على ذلك، بل هددت بقتل ليلى وأختها، ومهاجمة منزلها بما في ذلك والدتها. كانت كلماتها مثل الطعنات في قلب ليلى، التي كانت تتخبط بين مشاعر الخوف والألم. تصاعدت المشاجرات،حيث بدأت الأمور تخرج عن السيطرة. ما اقتضي تدخل سلطات معنية بحفظ الامن والنظام.

وقد تم استدعاء سالم وليلى للتحقيق، لكنهما لم يستطع أحد منهما اتخاذ قرار حاسم. سالم لم يكن مستعدًا للتخلي عن ليلى، وليلى لم تكن قادرة على ترك حبها، حتى لو كان ذلك يعني خسارة كل شيء.

 عندما بدأت الأمور تتسبب في تراكم المصاحب والمشاكل بدأ سالم يتراجع وبدأت مقاومته تضعف ، واصبح يتعامل مع ليلى ببرودٍ قاسٍ. لم يكن يهتم بمشاعرها كما كان في البداية، بل أصبح يتواصل معها فقط عندما يرغب في الهروب من روتينه أو عندما يملأه شعور الوحدة.

 في إحدى اللقاءات داخل مكتبه، تطور شجار بينهما، وفقد سالم السيطرة على نفسه وضرب ليلى.

كانت تلك لحظة فارقة، ليس فقط في حياتها، بل في حياتهما معًا. ليلى شعرت بإهانة عميقة وخيبة أمل لا توصف. لم تكن تتخيل أن الحب الذي منحته لسالم سيقابل بهذا العنف والبرود. غادرت ليلى المكتب بعد الحادثة، تحمل في قلبها جرحًا جديدًا، ليس فقط من الكلمات القاسية، بل من يد الرجل الذي ظنت يومًا أنه يمكن أن يكون سندها في هذه الحياة. ومع ذلك، لم تستطع تركه، ولا هو استطاع أن يبتعد عنها.

 ظل الحب الملتوي بينهما يكبل حياتهما، بين رغبة ليلى في الحماية من الألم، ورغبة سالم في الهروب من واقعه المعقد. المدينة كانت تستمر في حركتها اليومية المعتادة، بينما كانت حياة ليلى وسالم تتداخل بين لحظات من الحب القاسي والشجار المرير.

وكلما زادت الأمور تعقيدًا، أصبح من الصعب عليهما إيجاد طريق للخروج من هذا المتاهة. بقلم الاعلامي / شاكر عيليه جيله