عاد الزوج إلى بيته بعد يومٍ شاق، خطواته مثقلة كأنها تحمل أعباء العالم.

كان يطمع في أن يجد خلف الباب دفئًا يخفف وطأة التعب، لكنه ما إن ولج إلى المنزل حتى اصطدم بنظرات زوجته التي حملت مزيجًا من العتاب والغضب.

 لم تنتظر كلماتها أن يستقر على مقعده أو يلتقط أنفاسه، بل باغتته بنبرة حادة: «لماذا تأخرت؟ وأين الشيء الذي طلبته منك؟ ألم أخبرك أنه ضروري؟ كيف تنسى؟ أم أنني لا أُشكل أي أولوية بالنسبة لك؟» كانت كلماتها كالسهم يخترق قلبه المنهك، فوقف مصدومًا، لا يعرف كيف يبدأ في الرد. حاول أن يتمالك نفسه، لكنه كان عاجزًا عن تبرير نسيانه في ظل الإرهاق الذي يعانيه.

بصوت مبحوح قال: «كنت مشغولًا جدًا... العمل كان مرهقًا للغاية، وضغط المهام جعلني أنسى.

صدقيني، لم يكن الأمر متعمدًا.» لكن عذره لم يجد طريقًا إلى قلبها. نظرت إليه بشيء من الاستياء وقالت: «دائمًا مشغول! دائمًا تُلقي اللوم على عملك! وأنا هنا، أنتظر منك مجرد اهتمام بسيط. طلبت منك شيئًا واحدًا، ولم تكلف نفسك عناء تذكره.

ألا أستحق أن تكون أكثر تركيزًا فيما يخصني؟» تضاعف شعوره بالعجز.

كيف يشرح لها أن ساعات يومه ضاعت بين الاجتماعات والمهام، وأن عقله المثقل بالكثير لم يعد قادرًا على استيعاب كل التفاصيل؟ حاول أن يرد بنبرة هادئة: «أنا أعمل كل هذا لأجلنا، لأجل أن نوفر حياة كريمة.

النسيان ليس إهمالًا، بل هو نتيجة هذا الضغط الهائل.» لكنها لم تقتنع، بل واصلت عتابها بصوت يرتفع تدريجيًا: «الحياة الكريمة ليست فقط مالًا! أين وقتك لي؟ أين اهتمامك بما أحتاجه؟ كل شيء لديك يتأجل، وكل شيء يُنسى، إلا عملك.» كان الليل شاهدًا على حوارٍ فقد فيه كلٌ منهما القدرة على فهم الآخر.

هو يرى أن عمله مسؤولية ثقيلة لا يمكن التخلي عنها، وهي ترى أن اهتمامه بها وبطلباتها لا يجب أن يكون ضحية لتلك المسؤولية.

 شعر كلاهما أن الهوة بينهما تزداد عمقًا. هي تشعر بالإهمال، وهو يشعر بأنه غير مُقدّر. كان العتاب في تلك الليلة لا ينتهي، كأنهما يفرغان ما تراكم من مشاعر سلبية على مر الأيام.

 في لحظة صمت ثقيلة، أدرك الزوج أنه لم ينجح في طمأنة زوجته أو إثبات أهميتها في حياته. وأدركت الزوجة أن عتابها، رغم أنه يعبر عن مشاعرها، يضاعف من إرهاقه بدلًا من أن يفتح بابًا للحوار.

ربما كان الحل يكمن في لحظة صراحة هادئة، بعيدة عن الانفعال، يستطيعان فيها التعبير عن حاجاتهما بصدق.

فالحب لا يعني غياب المشكلات، بل القدرة على مواجهتها معًا. وفي النهاية، تبقى الحياة الزوجية أشبه برحلة شاقة تحتاج إلى التقدير، والصبر، والكثير من التفاهم.

 

 بقلم الإعلامي/ شاكر عيليه جيله