الإسراء والمعراج معجزتان خالدتان تحملان في طياتهما أعظم الدروس والعبر التي ألهمت المسلمين على مر العصور. هما حدثان إلهيان أكرم الله بهما نبيه محمدًا «صلى الله عليه وسلم» في ليلة واحدة، حين أسري به من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، ومن هناك عرج به إلى السماوات العلا، حيث رأى من آيات الله الكبرى والتقى بالأنبياء وبلغ سدرة المنتهى.

 كانت رحلة الإسراء انتقالًا إعجازيًا من مكة إلى القدس، كما ورد في قوله تعالى: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير»، وهي رحلة تؤكد المكانة الروحية العظيمة للمسجد الأقصى وارتباطه الوثيق بالمسجد الحرام، مما يعكس وحدة الرسالات السماوية وأهمية تلك البقاع المقدسة.

أما المعراج فكان صعودًا إعجازيًا بالنبي «صلى الله عليه وسلم» من المسجد الأقصى إلى السماوات السبع، حيث بلغ سدرة المنتهى وشاهد الجنة والنار والتقى بالأنبياء.

 وقد فرضت الصلاة في هذه الرحلة المباركة، مما يعكس دورها المحوري في الإسلام كصلة مباشرة بين العبد وربه.

تحمل معجزة الإسراء والمعراج العديد من الدروس التي تشكل نبراسًا للمسلمين في حياتهم. 

فقد أظهرت قدرة الله المطلقة التي تتجاوز قوانين الطبيعة والزمن، وأبرزت منزلة النبي محمد «صلى الله عليه وسلم» عند ربه حيث كرمه برحلة لم يصل إليها أحد من قبل.

كما تؤكد أهمية الصلاة التي فرضت في تلك الليلة لتكون الركن الأساسي الذي يربط المسلم بربه يوميًا. 

وتبرز هذه المعجزة أهمية الإيمان بالغيب،إذ كانت اختبارًا حقيقيًا لليقين والإيمان بما لا تدركه الحواس.

جاءت المعجزة في وقت عصيب من حياة النبي «صلى الله عليه وسلم» بعد ما لاقاه من أذى قريش، فكانت تكريمًا وتخفيفًا عن قلبه، مما يبرز قيمة الصبر والثبات الذي يؤدي دائمًا إلى التكريم والنصر.

 كما أكدت هذه الرحلة أهمية المسجد الأقصى، الذي كان أول قبلة للمسلمين ومسرى النبي «صلى الله عليه وسلم»، مما يعزز ارتباط المسلمين به على مر الزمن.

وقد جسد اجتماع النبي «صلى الله عليه وسلم» مع الأنبياء في المسجد الأقصى وإمامته لهم في الصلاة وحدة الرسالات السماوية ودور الإسلام كخاتمة لهذه الرسالات. الإسراء والمعراج ليست مجرد حادثتين تاريخيتين، بل هما مصدر إلهام وإيمان عميق يذكر المسلمين بعظمة الله سبحانه وتعالى ورفعة مكانة النبي «صلى الله عليه وسلم»، ويؤكد دور الأمة الإسلامية في الحفاظ على رسالة الحق والعدل وصون المقدسات التي تربط بين السماء والأرض. بقلم الإعلامي/ شاكر عيليه جيله