تشهد جمهورية جيبوتي تحولاً نوعياً في مسارها الاقتصادي والتنموي، حيث تسعى بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كمركز بيانات إقليمي ومحور استراتيجي للاقتصاد الرقمي في إفريقيا.

 ويأتي هذا التوجه مدفوعاً بجملة من العوامل، في مقدمتها الموقع الجغرافي الفريد الذي تتمتع به الدولة على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، والذي جعل من جيبوتي نقطة عبور رئيسية لأكثر من عشرة كابلات بحرية للألياف الضوئية التي تربط بين آسيا، أوروبا، وإفريقيا.

وقد أولت الحكومة الجيبوتية أهمية بالغة لتطوير البنية التحتية الرقمية، من خلال إنشاء مراكز بيانات متقدمة أبرزها «Djibouti Data Center»، أول مركز بيانات محايد في منطقة شرق إفريقيا.

ويُعد هذا المركز منصة حيوية لتبادل البيانات وخدمات الحوسبة السحابية، ويتيح للشركات والمؤسسات الإقليمية والدولية حلولاً تقنية متطورة، ما يعزز من جاذبية جيبوتي كمحطة رقمية موثوقة في قلب القارة السمراء.

إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية، تبنت جيبوتي استراتيجية وطنية للتحول الرقمي تشمل تطوير المهارات التقنية لدى الشباب، وتعزيز الابتكار، وتحديث الخدمات الحكومية لتصبح أكثر كفاءة وشفافية عبر الرقمنة.

كما عملت على بناء شراكات استراتيجية مع كبرى شركات التكنولوجيا والاتصالات، مما ساهم في تسريع وتيرة النمو الرقمي.

ويتزامن هذا التحول الرقمي مع نجاحات ملحوظة حققتها الدبلوماسية الجيبوتية على المستويين القاري والدولي، حيث رسّخت جيبوتي دورها كفاعل رئيسي في قضايا الأمن، التنمية، والتكامل الإقليمي في القرن الإفريقي. وقد عززت من مكانتها من خلال مشاركاتها الفاعلة في المنظمات الإقليمية والدولية، وسياستها القائمة على الحياد الإيجابي والتعاون البنّاء.

إن التقاطع بين التقدم التكنولوجي والنشاط الدبلوماسي النشط، يشكل دعامة قوية لرؤية جيبوتي المستقبلية، ويعزز من طموحها في أن تكون مركزاً رقمياً وجيوسياسياً بارزاً في المنطقة، قادراً على مواكبة تحديات العصر وتلبية احتياجاته المتجددة.

 

 كاتب إعلامي : مهد عبدي روبله نائب رئيس قسم ويب ميديا إذاعة وتلفزيون جيبوتي