« فالنكبة لم تنتهِ بعد بل هي جرح ينزف حتى اليوم، يتجدد بأشكال أكثر قسوة» تحل علي الشعب الفلسطيني الشقيق الذكرى الـ 77 لـ»النكبة» وسط استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، وعدوان متواصل على مخيمات شمالي الضفة منذ 20 يناير وفي اطار احياء ذكري النكبة الفلسطينية القي سفير دولة فلسطين في جيبوتي الدكتور رويد ابو عمشة كلمة متلفزة يوم الخميس الماضي قال فيها فيها:- أحبتنا أخوتنا وعزوتنا، وأهلنا في جمهورية جيبوتي الشقيقة نحييكم قيادة وشعباً، ومن هنا من سفارة دولة فلسطين في جمهورية جيبوتي نتحدث إليكم اليوم ونحن نحيي الذكرى ال 77 لنكبة الشعب الفلسطيني، لنتذكر تاريخاً من الألم والصمود، تاريخٌ يُذكّرنا بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد ذكرى تمر علينا كل عام، بل هي جرحٌ لا زال ينزف، وضميرٌ إنساني حي، وحقوقٌ مغتصبة لم تُسترد بعد.
ففي الخامس عشر من أيار/مايو من عام ١٩٤٨، شهد الشعب العربي الفلسطيني واحدة من أكبر المآسي في التاريخ الحديث، حيث شُرِّد أكثر من *750 ألف فلسطيني من ديارهم، ودُمرت *531 قرية*، وارتكبت عشرات المجازر بحقهم، واقتُلعوا من جذورهم ليتحولوا إلى لاجئين في أصقاع الأرض.
وذلك في محاولة لتطبيق مقولات المشروع الصهيونيّ الإحلاليّ (أرضٌ بلا شعب لشعب بلا أرض) في تعارضٍ سافر مع حقائق التاريخ والجغرافيا التي تدحض هذه المقولات، وتكشف زيفها وتضليل الآلة الدعائيّة لمنظومة الاحتلال الصهيوني. لكن ورغم كل المحن، فإن الشعب الفلسطيني ظلّ *شعباً لا يُقهَر*.
زرع زيتون بلاده في قلبه، وحمل حجر أرضه رمزاً للصمود، ورفع العلم فوق كل الجراح.
من مخيمات اللجوء أشعل ثورته ومضى في سبيل الحرية والاستقلال، فمن غزة إلى الضفة، من القدس إلى الشتات، ظل الفلسطينيون يكتبون بأرواحهم ملحمة المقاومة والوجود.
فالنكبة لم تنتهِ بعد بل هي جرح ينزف حتى اليوم، يتجدد بأشكال أكثر قسوة، ونحن نحيي اليوم ذكرى *النكبة الفلسطينية*، لا نتذكر للأسف مأساة الماضي فقط، بل نستحضر أيضاً معاناة الحاضر، خاصة في ظل حرب الإبادة المدمرة على قطاع غزة، التي حولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم يومي، من حرب إبادة إسرائيليّة ممنهجة منذ السّابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 تمثّلت باقتراف منظومة الاحتلال للمجازر الجماعيّة، ما نجم عنه استشهاد، 53000 شهيد،(18ألف طفل، 12.4 ألف امرأة)، أكثر من 11 ألف مفقود، لم يصل إليهم أحد لغاية الآن، وإصابة أكثر من 120000مواطن، وتدمير الأحياء السكنيّة والمدارس و المستشفيات، و المساجد والكنائس، ومراكز الإيواء والبنى التحتيّة، وإجبار مليوني مواطن على النزوح المتكرر من أماكن سكناهم، ومنع إدخال المساعدات الإنسانيّة ضمن سياسة التجويع والحرمان في مسعى من منظومة الاحتلال لفرض مخطط التهجير والترحيل.
ولا زال يواجه المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة أبشع أشكال العنف والحصار والحرمان من أبسط مقومات الحياة، حيث يواجه 80% من السكان مجاعة حادة، ودخول أكثر من *1.1 مليون شخص* في مرحلة «الجوع الكارثي، منهم 350 ألف طفل بالرغم من تكدس آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات المحتجزة على المعابر.
وعلى وقع حرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، باتت هناك أصوات العنصرية والتطهير تتعالى مطالبة بتهجير الفلسطينيين من أرضهم مرة الأخرى، ففي ذكرى النكبة ال 77 التي قامت على الاقتلاع والتهجير نؤكد أنّ التهجير بكافّة مسمّياته يعدُّ تهجيرًا قسرياً يتنافى مع القانون الدولي والمواثيق الدولية، مجددين الدعوة للمجتمع الدولي إلى الوقف الفوريّ لحرب الإبادة، وإلزام منظومة الاحتلال بالانصياع لقرارات محكمة العدل الدولية، ومحاسبة قادة الاحتلال على ما يرتكبونه من جرائم حرب بحقّ الشعب الفلسطينيّ.
وما الحملة الشرسة التي تقوم بها دولة الاحتلال من هدم المخيّمات في شمال الضّفة الغربيّة (جنين- طولكرم- نور شمس)، ومحاولة تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وعرقلة عملها؛ إلا محاولة لإخضاع شعبنا.
وما هي إلا حلقة مستمرة للانتهاكات التي تمارسها حكومة الاحتلال. وبالتوازي مع ما يتعرّض له شعبنا من حرب إبادة شعواء؛ فإنّ منظومة الاحتلال تواصل انتهاكاتها السافرة والمريعة بحقّ أسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال؛ من خلال الاعتقال الإداريّ والقمع والتنكيل والعزل ومنع الزيارات العائليّة، و زيارات الصليب الأحمر، والحرمان من أبسط الاحتياجات الإنسانيّة، يضاف إلى ذلك سياسة الإعدام الطبيّ للأسرى المرضى، بمحاذاة سياسة الإخفاء القسريّ لأسرى قطاع غزّة، فعلى المجتمع الدولي والمنظّمات الحقوقيّة إلزام منظومة الاحتلال بالإذعان لاتفاقيّة (جنيف) الرابعة والاتفاقات والمعاهدات ذات العلاقة.
وأنّ سياسة التوسُّع الاستيطانيّ في الضّفة الغربيّة بخلاف أنّها غير شرعيّة وتنتهك القانون الدولي؛ فإنّها لن تغيّر الحقائق والوقائع، وأنّ التمدد الاستيطانيّ في الأراضي الفلسطينيّة، والذي يحظى بتمويل مركزيّ من حكومة الاحتلال، مستندًا إلى سلسلة من التشريعات العنصريّة التي يواصل برلمان الاحتلال إقرارها بشكل متسارع لن يكون مآله إلّا التفكّك أمام صمود شعبنا الذي يُعيد بناء ما هدمه الاحتلال من بيوت ومنازل ومنشآت، ويمارس حقّه بالمقاومة لمحاولات اجتثاثه من أرضه في كافّة الساحات والميادين.
ونؤكد أنّ حرب الإبادة الإسرائيليّة التي تستهدف العاصمة القدس التي تتعرّض لحملات طمس هويّتها العربيّة والفلسطينيّة؛ عبر سياسات التهويد، والاعتداء على المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة، واقتحام المسجد الأقصى المبارك بقيادة وزراء من حكومة الاحتلال، وتقييد وصول المصلين والتنكيل بهم، بالتزامن مع الهدم المتواصل لمنازل المواطنين الفلسطينيين ومنشآتهم بذريعة عدم الحصول على التراخيص، في محاولةٍ لاقتلاع الوجود العربيّ والفلسطينيّ، و نحن على ثقة بأن شعبنا بكافّة مكوّناته سيحافظ على هويّته ومقدّساته الإسلاميّة والمسيحيّة، ولن يخضع لمساعي «الأسرلة»، ولن يقبل إلّا بالقدس عاصمةً لدولته الفلسطينيّة، مؤكّدين اعتزازنا بصمود شعبنا في القدس وتضحياته الجسام.
واليوم، نرى العالم يتغير من حولنا، نرى أيضاً أن صوت الفلسطينيين لا يزال يُسمع، وأن قضيتهم لا تزال حية في ضمير الأحرار.
من واجب الجميع، عرباً ومسلمين، وأحراراً حول العالم وكإنسانيين، أن يستمروا في دعم هذه القضية العادلة، بالكلمة والفعل، وبكل الوسائل المشروعة. وفي هذه المناسبة نبعث بالتحية والشكر والعرفان لفخامة رئيس الجمهورية إسماعيل عمر جيله، الذي كان ولا زال لتوجيهاته دوراً حاسماً في كل أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني، في جمهورية جيبوتي، وذلك انسجاماً مع توجيهاته بأن تكون القضية الفلسطينية ثابتاً من ثوابت السياسة الخارجية الجيبوتية في كل المحافل الدولية والإقليمية، لذلك تجدنا دائماً نقول إنه في جيبوتي انسجاما تاماً بين الموقف الشعبي والرسمي تجاه القضية الفلسطينية.
فمنذ اللحظة الأولى للعدوان الصهيوني على أبناء شعبنا الفلسطيني بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص كان صوت جيبوتي عالياً تجاه دعم الحق الفلسطيني، فكانت من أوائل الدول التي أدانت هذا العدوان وقامت بالتنسيق مع بعض الدول الصديقة، (جنوب أفريقيا، بنغلادش، جزر القمر، بوليفيا) بتقديم طلب لمحكمة الجنايات الدولية بطلب التحقيق في جرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية في فلسطين في غزة، والتي صدر بناء عليها مذكرات جلب لقادة الكيان الصهيوني.
فجيبوتي \انتصرت سياسياً وأخلاقياً ووطنياً.
وفي نهاية هذه الكلمة نؤكد أن قضية فلسطين ليست مجرد أرض، فلسطين *قضية عدل، وقصة شعب، فقد أصبحت (قضية فلسطين هي اختبار الأخلاق في العالم) اختباراً للضمير العالمي*.
ومهما طال الزمن، فإن النكبة لن تمحو الذاكرة، ولن تُغيّب الحقيقة: أن فلسطين ستبقى، وسيعود إليها أهلها، لأنها حق وما ضاع حق وراءه مطالب.. و نختم بما قال شاعرنا الكبير محمود درويش *»واقفون هنا، قاعدون هنا، دائمون هنا، خالدون هنا، ولنا هدف واحد، أن نكون، وسنكون»* *وعاشت فلسطين حرة عربية.