في يومٍ مضى، لكنه ما زال حاضرًا في الذاكرة، اجتمعت ثلاثة أعياد في لحظة واحدة على أرض جيبوتي، لتجعل من الجمعة الماضية مشهدًا استثنائيًا بكل المقاييس.

 كان ذلك اليوم عيدًا للأسبوع، وعيدًا للأضحى، وعيدًا لتاريخ جيبوتي العسكري الذي نعتز به جميعًا.

 تزامن يوم الجمعة مع عيد الأضحى المبارك، فجاء محمّلًا بروح الطاعة والسكينة والفرح، وتزينت فيه المساجد بالتكبير والقلوب بالمحبة.

كما تزامن مع ذكرى تأسيس قواتنا المسلحة الجيبوتية، تلك التي حملت على عاتقها شرف الدفاع عن الوطن، وصون أمنه واستقلاله.

وقد احتفلت القوات المسلحة الجيبوتية بهذه المناسبة الغالية بطريقة مميزة، حيث أدّوا صلاة العيد في ملعب معسكر شيخ عثمان، في مشهد مهيب وجميل، توشّحوا فيه بالزي العسكري، وعلت تكبيراتهم في الأجواء، مما أضفى روحًا وطنيةً تعبق بالإيمان والعزة.

 لكن ما ميّز هذا اليوم أكثر، أنه جرى فوق أرضٍ ليست كباقي الأرض؛ جيبوتي... بوابة إفريقيا، وأرض السلام والتعايش، وطن التبادل الثقافي والتجاري، وملتقى الطرق بين الحضارات.

هنا لا تلتقي الجغرافيا فقط، بل تلتقي القيم النبيلة والمستقبل الواعد. لقد اختصر هذا اليوم الثلاثي ملامح الهوية الجيبوتية: الإيمان، الفرح، والانتماء.

ففي وقتٍ واحد، أدينا الشعائر، واحتفلنا بالأضحى، وحيّينا أبطال الوطن الذين يسهرون ليبقى هذا الوطن حرًا، آمنًا، منفتحًا على العالم.

 وإن مضى ذلك اليوم، فإن معانيه باقية، تذكرنا بأن جيبوتي قادرة على جمع المختلف في تناغمٍ قلّ نظيره.

 تذكّرنا أن القوة لا تعني الغلظة، بل تعني الثبات على القيم، وحماية السلام، وخدمة الإنسان.

كل عام وجيبوتي في أمن ووئام، وكل عيد وجيشها وشعبها في عزةٍ وتقدّم، وكل جمعة وهي تكتب التاريخ من جديد... على طريقتها الخاصة.

 

بقلم: الإعلامي مهد عبدي روبله* نائب رئيس قسم ويب – الإذاعة والتلفزيون الجيبوتي