في السابع والعشرين من شهر يونيو قبل 48 عاما توج الشعب الجيبوتي مسيرته الحافلة بالتضحيات والنضال المرير في مقارعة المستعمر بالاستقلال المجيد،ليبدأ نضالا من نوع آخر من اجل البناء والتعمير والتنمية والنهوض بوطنه.

 وها نحن اليوم نحتفل الذكرى ال48 لهذا اليوم الفريد في تاريخ الامة،ونحتفل في ذات الوقت بمنجزات هائلة في مختلف المجالات تحققت على مدى العقود الماضية، بدأت على يد المؤسس الرئيس الراحل حسن جوليد أبتدون رحمه الله واكتملت شامخة عظيمة بقيادة رئيس الجمهورية رائد التنمية الوطنية وباني نهضتها السيد/ إسماعيل عمر جيله الذي قاد البلاد نحو تحقيق تطلعاتها في التقدم والازدهار.

يكفي ان تمتلك حلماً كبيراً وإرادة بحجم ذلك الحلم لتحقيقه على ارض الواقع،وتلك حقيقة أثبتتها الرؤية التنموية لرئيس الجمهورية السيد إسماعيل عمر جيله التي قادت جيبوتي خلال العقدين الماضيين علي طريق تحقيق طموحات بلاده الكبيرة،وتحويلها من دولة فقيرة بلا موارد، الي دولة تمتلك بنية تحتية لوجستية وموانئ فريدة في المنطقة ، تستثمر في التخطيط الإقليمي والصناعة والاتصالات والخدمات،ومحطة توقف رئيسية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا وذلك علي قاعدة مسيرة حافلة بتحولات مهمة صاغت مفرداتها حركة تنموية أرست معالم نهضة واضحة الملامح، ترجمتها إنجازات تسارعت وتيرتها في العقدين الأخيرين وحملت بصمات قائد المسيرة ورائد النهضة الوطنية فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله الذي حول جيبوتي إلى حاضرة القرن.

نعم حلم رئيس الجمهورية بتحويل جيبوتي إلي دبي افريقيا، وبدي هذا الحلم ضربا من الاوهام في ذلك الوقت في ظل التحديات الهائلة، المشتملة علي ازمة الطاقة الكهربائية ، والضغط المائي الدائم ، والتفاوتات الإقليمية ، والبيئة الدولية غير المواتية.

 وفي ظل عجز الدولة عن دفع رواتب موظفيها وضمان رواتب الخدمة المدنية.و تهديدات الإفلاس التي كانت تخيم على البلاد.

ولكن الامر لم يكن له أي علاقة بالاوهام كما أنه لم يكن يأتي من فراغ ،بقدر كونه نابعا عن ادراك واع بأن ثروة جيبوتي هي موقعها الجغرافي الاستراتيجي وإمكاناتها البشرية ، وأن تنميتها تعتمد على الشراكات والاستثمارات الأجنبية.

 فسعي إلي استثمار مميزات بلادنا،ولكن عبقرية الحلم تمثلت في تمكن الرئيس جيله من اقناع المستثمرين بالمراهنة على دولة في حالة إفلاس افتراضي،وحقق نجاحا باهرا في الصعود بالاستثمار الأجنبي المباشر من 5 ملايين دولار في عام 2000 إلى أكثر من 20 مليار دولار أرست قواعدها الصلبة في أعماق الرقعة الاقتصادية للجمهورية بعشرات من الانجازات والمشاريع العملاقة والمتتابعة بوتيرة متسارعة من الموانئ المتطورة والمناطق الحرة الدولية والمناطق الصناعية ومدن ومراكز الاعمال الدولية والتي تترجم وتجسد رؤية رئيس الجمهورية التنموية جيبوتي 2035 والتي جعلتنا ونحن نحيي اليوم الذكري ال48 لللستقلال نقترب كل يوم أكثر عن ذلك الحلم ـ الذي عده البعض يوما وهماـ وهكذا اثبتت جيبوتي بان الأحلام والطموحات الكبيرة إذا توازنت معها خطوات عملية ومزمنة تفضي إلى تحقيق تلك الأحلام وأن مصطلح المستحيل يصبح ضرباً من اللامنطق .

يكفي ان ترجع عقد او عقدين إلى الوراء لتعرف مدى الفارق المهول وحجم الصعود صوب أعلى الهرم على طريق النهضة والبناء الذي تحقق علي يد قائد المسيرة ورائد النهضة الوطنية فبحلول عام 1999م حيث تم انتخاب الرئيس إسماعيل عمر جيله رئيسا للبلاد كانت جمهورية جيبوتي على موعد مع حراك تطويري شامل في مختلف القطاعات، ففي المجال التعليمي، اعتنت الحكومة كثيرا ببناء المدارس والمعاهد والارتقاء بكفاءة التعليم بشقيه الفني والمهني، وافتُتحت الجامعة الوطنية التي تضم مختلف التخصصات العلمية وتمد مخرجاتها المتميزة بسوق العمل.

كان الارتقاء بالتعليم هما مؤرقا للرئيس إسماعيل عمر جيله، إدراكا منه بأن رقي الأمم في تعليمها وجامعاتها وأبحاثها، ولذلك تأسست الجامعة فور توليه قيادة البلاد، وتم تطوير قطاع البحث العلمي.

كما تم تطوير القطاع الصحي، وقطاعات الزراعة والسياحة واستغلال الثروة الجوفية والمعادن، وأيضاً الثروة السمكية، والقوات المسلحة عددا وعدة لتكون على أسس علمية حديثة فأُسست كلية عسكرية وكلية للشرطة.

 كما تحققت في عهده الميمون إصلاحات ديمقراطية لا تخطئها العين، ومنها: تنظيم انتخابات السلطة المحلية ومجالس المحافظات والمجلس التشريعي بصفة دورية، وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن المرأة تمثل 25% من أعضاء مجلس النواب، كما أن المعارضة ممثلة أيضا في البرلمان، وهناك سفيرتان وعديد من السيدات اللواتي يتبوأن مناصب مهمة في الدولة في إطار تمكين المرأة وإعطائها حيزها الفعال في بناء المجتمع وترسيخ أركان نهضتها منذ العام 1999م.

 وفي المجال الدبلوماسي، فقد نجحت جمهورية جيبوتي بقيادة الرئيس جيله في بناء دولة عصرية قادرة على التأقلم مع المتغيرات والمستجدات الإقليمية والدولية الراهنة، منفتحة على العالم، تمارس علاقاتها الخارجية مع الدول الشقيقة والصديقة من منطلق الاحترام المتبادل والتفاهم بين الشعوب، وتميزت بدبلوماسيتها الحكيمة والمتوازنة على مختلف المستويات الإقليمية والعربية والعالمية، حتى باتت نموذجا يحتذى به في الحفاظ على العلاقات الدولية مُتعددة الأقطاب مُتقاطعة المصالح.

وانطلاقا من أهمية الموقع الجغرافي لجمهورية جيبوتي وإطلالتها المتميزة على مضيق باب المندب فقد اضطلعت- وما تزال- بدور مهم في حماية أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب الاستراتيجي من خلال التعاون والتنسيق مع القوى الكبرى، ومن ذلك استضافة القواعد العسكرية الدولية على الأراضي الجيبوتية، ومنها القاعدة الأميركية الموجهة في الأساس إلى مكافحة الإرهاب وحماية أمن الملاحة الدولية في المنطقة.

كما أن فرنسا تحتفظ بقوات لها في جمهورية جيبوتي منذ الاستقلال عام 1977م، إضافة إلى القاعدة الصينية التي أنشأتها بكين لحماية استثماراتها وتجارتها، وكذلك قاعدة بحرية يابانية.

وعلى صعيد النهوض بوسائل النقل والمواصلات، فقد تم تطوير خط سكة الحديد بين جيبوتي وإثيوبيا. كما تم تحقيق تقدم هائل في الموانئ من حيث الكم والكيف؛ إذ تم إنشاء نحو سبعة موانئ متنوعة الاختصاصات خلال فترة وجيزة من عهد الرئيس إسماعيل عمر جيله. إضافة إلى أن جيبوتي تضم أكبر منطقة تجارة حرة في إفريقيا منذ يوليو 2018م.

 

 جمال أحمد ديني