الدائرة الآمنة نعني بالدائرة الآمنة مجموعة من الموظفين الذين يحيط المدير نفسه بهم، عادة ما يكونون موظفين مقربين منه، وقد يكونون من فئة معينة لديهم صفات يفضلها المدير، يستشيرهم ويسمع كلامهم، ويرتاح معهم، ويشعر معهم بالألفة والأمان، مهملا بقية الموظفين. هذه المجموعة لا تمثل المجلس الاستشاري للمؤسسة، ولا مجلس الأمناء فيها، ولا أية مجموعة رسمية أخرى، فهي في الغالب مجموعة غير رسمية تكونت من هنا وهناك، قد يكون من أفرادها مسؤول قسم معين أو موظف بسيط أو مدير وحدة إدارية في نفس المؤسسة. وعلى الأغلب تتكون مثل هذه المجموعات من مدراء الإدارات في المؤسسة، وقد تزداد غرابتك إذا وجدت من ضمن المجموعة مسؤولا من مؤسسة أخرى لا علاقة له بهذه المؤسسة. هؤلاء في الغالب هم أصحاب المصالح الخاصة مهما كانت طبيعة المصلحة لديهم، فتجدهم يحيطون به في الاجتماعات، ويرافقونه في المناسبات الاجتماعية. من حق أي إنسان أن يكون له زملاء وأصحاب من مختلف الطبقات في المجتمع، لكن ما نعنيه هنا هي مجموعة لها تأثير في قرارات المدير وفي تسيير عمل المؤسسة. مشكلة هؤلاء أنهم يمنعون المدير من رؤية الأمور من زاوية جديدة، فيصبح مسيرا أمامهم لا مخيرا، والحقيقة إذا أراد المدير المزيد من النجاح في عمله عليه أن يبعد أمثال هؤلاء من محيطه، فإن التعامل معهم ليس من الإدارة، وعليه أن لا يتعامل إلا مع المجموعات الرسمية. وقد أكد علماء السلوك التنظيمي أن المجموعات غير الرسمية في المؤسسة لها أثرها الخطير داخل العمل، مثل إضعاف دور التنظيم الرسمي وزيادة الشائعات والشكوك وقيل وقال... مما يؤدي إلى خلق انطباع بوجود تفضيل أو محسوبية، مما يضر ببقية الموظفين ويؤثر سلبا على بيئة عمل المؤسسة. صداقة الموظف السعي لاكتساب محبة واحترام الموظف يمثل جزءا مما تميزت به الإدارة اليابانية أو نظرية «Z» في الإدارة، من خلال تدريبه والمحافظة عليه مدى الحياة، والعناية به حتى بعد وصوله إلى سن التقاعد... لكن هذا لا يعني أن تسعى لصداقته، فمن الصعب على المسؤول أن يجمع بين صداقة الفرد وإدارته، وإن كانت لا بد منها يجب أن تبقى خارج العمل، وأنا أقصد هنا علاقة المدير بالموظف وليست علاقة الموظف بالموظف. إن صداقة الموظف قد تسبب مشاكل في العمل الإداري، فقد تؤدي إلى كشف أسرار العمل ووصولها إلى المنافسين، لأنها - أي الصداقة - تخلق الثقة العمياء أحيانا بين الشخصين، مما يجعل المدير يكشف بعض الأسرار لصديقه الموظف، كما أنها تسبب مشاكل في بعض القرارات، وخاصة تلك الموجهة نحو الأيدي العاملة، مثل التقصير في العدالة بين الموظفين عند التقييم، فقد تكون أنت في حالة نزوع عاطفي أمام صديقك الموظف عند اتخاذ قرار ما من حيث لا تدري، حيث إن علاقتك به علاقة صداقة وليست علاقة عمل. ولهذا يفضل إداريا حتى عند تكوينك للهيكل الإداري أن تبتعد قدر المستطاع عن الأقرباء أو الأصدقاء كأعضاء في الإدارة حتى لا تتأثر القرارات الإدارية بالعواطف وبالمجاملات الفارغة. إن علاقتك مع الموظفين جميعا يستحسن أن تكون ضمن إطار العمل فقط، حتى لا تطغى المجاملات بينك وبين أصدقاءك الموظفين على الأداء المطلوب، فتكون على حساب المؤسسة وأهدافها. أما المصادقة بهم فهذا يعني أن علاقتك بهم علاقة شخصية خاصة، والعلاقة الشخصية معروفة أنها تفسد الأعمال، كونها علاقة مشبوهة في الغالب، تعمل لأجندات خفية تقع خارج العمل. بقلم د. عثمان فريد ، أستاذ جامعي في الإدارة