مع حلول شهر يونيو،كل عام تستعد جيبوتي كالعادة لاستقبال فصل الصيف، ويطوي الطلاب والمعلمون عاما دراسيا مليئا بالعمل والجهد، وتبدأ ملامح الإجازة الصيفية في الظهور، حيث تخفّ الحركة في الممرات، وتسكن ضوضاء الفصول، وتتنفس القلوب الصعداء؛ إيذانا ببداية الإجازة الصيفية، تلك التي ينتظرها الجميع بشوق كبير. إلّا أنّ فرحة الإجازة الصيفية لا تكتمل في وطننا كما نرجو، فصيف جيبوتي يبشّرك بحرارة استثنائية، شمس حارقة، وعرق يسيل بلا توقف، ولا مراوح تكفي، ولا مكيفات تقوى على هذا الحرّ، عندئذ يبدأ الناس في البحث عن طقس منعش، عن جوّ لطيف، عن ركن بارد؛ يخفّف عنهم حرارة الصّيف. وهنا تظهر إثيوبيا، بجبالها الشاهقة وأجوائها المنعشة، في مقدمة الوجهات التي يقصدها الجيبوتيون؛ للتصيف، إذ تعدّ في أعين من ينشدون الاسترخاء والأجواء المنعشة؛ الوجهة الأمثل والأنسب، وذلك بأجوائها الباردة، وروائح قهوتها الطازجة، وطعم ألبان الإبل والبقر، ونكهة الفواكه الطرية، في تلك الربوع؛ يضع الشخص التعب والإرهاق جانبا، ويترك خلفه ضجيج القاعات، ورنين الأجراس، ليجد نفسه وسط طبيعة نقية، يستعيد من خلالها أنفاسه، ويجدد فيها نشاطه، وكأنه ولد من جديد بعد موسم طويل من البذل والعطاء. الإجازة الصيفية ليست مجرد فراغ نقضيه بلا هدف، إنما هي فرصة لترتيب أفكارنا، وشحن طاقتنا، وتجديد العلاقة مع ذواتنا، فحين نمنح أنفسنا قسطا من الراحة، نعود إلى أعمالنا أكثر شغفا وحماسة، ونستقبل العام الجديد بحيوية ونشاط. ولعلّ أجمل ما في الإجازة الصيفية؛ أنها تذكرنا بأن الإنسان مهما ازدحمت أيامه، يحتاج إلى وقفة قصيرة مع ذاته، يسترجع فيها ما مضى، ويستعد لما هو قادم، وذلك في مكان هادئ، وتحت سماء صافية، وبين مناظر خلابة، ليعود منها أخفّ حملا، وأقوى عزيمة، وأقدر على مواجهة تحدّيات الحياة. والآن وبعد ان مضت ايام الاجازة الصيفية بسرعة مع كل ما حفلت به من راحة ومتعة وتأمل لا يسعنا الا ان نحمدالله على نعمة الإجازة، وعلى نعمة التصيّف التي منحتنا فسحة للتجديد، وراحة نستمد منها طاقة قوية، وعزيمة لا تلين؛ لنبدأ من جديد. بقلم الكاتب يوسف شاكر عرب أستاذ في ثانوية علي صبيح