الاعتماد على المنصب يعتمد بعض المدراء على مناصبهم في التعامل مع الموظفين، فيستخدمون سلطتهم في إصدار الأوامر والتعليمات دون مراعاة لمشاعرهم أو احتياجاتهم. هذا النوع من السلوك ليس من الإدارة، ويؤدي إلى بيئة عمل غير صحية، تعاني انخفاضا في المعنويات وزيادة في معدل دوران الموظفين وتدهورا في العلاقات بينهم وبينك كمدير.

وهذا كله لا شك أنه يقلل إنتاجية الموظفين وولائهم للعمل. لا أحد يبقى على المنصب طول عمره، فلا بد من يوم أن يستجيب القدر كما يقولون، إما إلى القبر وإما بعيدا عن المنصب. وقديماً قال الشاعر: وأعز ما يبقى ودادٌ دائمٌ * إن المناصبَ لا تدوم طويلا.

 لهذا لا تعاد أحداً من أجل الوصول إلى منصب، ولا تؤذه اعتماداً عليه، فالأيام دول، والمنصب يذهب قبل أن يذهب زملاؤك أو موظفوك.

واعتقد أن نماذج الذين اغتروا بالمناصب، ثم ذهبوا بعيدين عنها، حيث وجدوا أنفسهم وحيدين، كثيرة في أي بلد ذهبت إليه.

 على المدير أن يعلم أن التاريخ لا يخلد المعتزين بالمناصب، لأنها ليست ملكا لهم، فهي لغيرهم، وغداً سيتركونها، لكنه يخلد المعتزين بأخلاق فاضلة، وبالدين الصادق، وبالعلم الذي يراد به وجه الله، لأن هذه الأخلاق ملك لهم، وهي منهم وإليهم.

لا تعتمد على قوتك وسلطتك عند العمل، خاصة إذا كنت تريد أن تتعلم الجديد، وتعشق في عملك، وتريد النجاح.

 إن الاعتماد على السلطة أو المنصب عند العمل يعني الجهل بأساليب الإدارة الحديثة، ويعني ما أريكم إلا ما أرى، كما يعني ضعف الشخصية، وهذا كله يعني الفشل نفسه. حاول أن تعتمد على قوة شخصيتك، وعلى مهاراتك وخبراتك في إدارة الأفراد، وعلى أخلاقك العالية، وعلى إنسانيتك العظيمة، أكثر مما تعتمد على منصب يذهب لغيرك غداً. فتلك الصفات الحميدة هي التي ترافقك وتبقى مع ذاتك أينما رحلت وارتحلت، بدل منصب يجلب لك الذل بعد عز وهمي، والسفول بعد رفعة وهمية هي أيضاً.

إدارة الآخر في أول يوم قد تجد نفسك مسئولا بصورة مفاجئة وغير متوقعة، فالأيام متداولة بين الناس، فمرؤوس الأمس رئيس اليوم والعكس.

ومشكلة الإنسان أنه ينطلق بسرعة نحو اتخاذ القرارات السريعة مجرد أن يجد نفسه على كرسي المسؤولية دون تأن ودراسة، بعيدا عن خطوات اتخاذ القرار. لا تفضفض نفسك من أول أيامك في المسؤولية، حيث تصول وتجول وتأمر وتنهى وتسأل وتحاسب.

حاول أن لا تطير مثل الطير الصغير الذي يصفو ويقبض جناحيه في السماء خلال ثوان. من الأفضل أن تطير مثل الطائرة الضخمة التي يبقى قائدها في قمرة القيادة زمناً قبل طيرانها ليتأكد جاهزيتها للطيران. إنك تستغرب لما تجد إنسانا كان بالأمس القريب زميلك في العمل واليوم صار رئيسك فجأة وبطريقة قد لا تعرفها.

أمس كان يسألك من باب أن يستفيد كيف تعملون؟ وكيف أعمل أنا؟ فأنا جديد في العمل ساعدوني فأنتم أصحاب الخبرة... فيحاول يستفيد منك ومن غيرك قدر المستطاع لأنه أقل منكم خبرة أو لأنه حديث العهد في العمل. وهذا شيء جيد فالإنسان دائما بحاجة إلى المعلومة ومن حقه أن يسأل ويستوضح.

 أما اليوم وبعد أن صار رئيسا فإذا هو يسأل ويستعين بشبكة الإنترنت بعيدا عنك ويطبع لك كل ما هب ودب ثم يجري معك اجتماعا فيقرأ عليك ومن أوراق مسحوبة من النت بجمل غير واضحة وبطلبات عفا عنها الزمن من الممكن لم يفهمها هو نفسه محاولا أن يرشدك ويعلمك من خلالها لأنه أصبح رئيسا يعرف كل شيء وذو كفاءة مشهودة وصرت مرؤوسا بحاجة إلى توجيه.

 لا تنسى أن الذين ترأسهم هم كانوا أمس أكثر منك خبرة للعمل وفهما لمجريات الأمور وعلما فيما يكون لصالح المؤسسة وما ليس لصالحها. ولهذا حاول تتريث في حركاتك وسكناتك فأنت تتعامل مع بشر وليس مع آلات أو معدات.

حاول تستشير معهم وتتعرف بهم وتحترمهم ولا تنسى علاقتك بزملائك القدامى قبل المسؤولية ولا تغيرها عن طبيعتها الأولى فغدا سترجع لهم شئت أم أبيت.

 

 بقلم د. عثمان فريد، أستاذ جامعي في الإدارة