التغير مع المكانة بحصول المنصب أو المال أو الجاه يتغير كل شيء عند معظم الأفراد، في الفهم، في السلوك، في المظهر... بالأمس كان لا يفهم، لكنه اليوم ادعاءً وافتخاراً يعرف كل شيء، مع أن الواقع يشهد له غير ذلك.

 يتصف بالتعالي والكبر والعظمة حتى على أصحابه الأقربين، ويرى أن الآخرين دونه، وبالأمس كان في الرّديف ودون الجميع. قليل الاستماع، بحيث لا يعطي أي عناية لآراء الناس، وبالأمس كان كثير الحديث يتمنى أحداً يستمع إليه.

العنصرية والتفرقة والمذهبية والحزبية تبدأ منه وتنتهي إليه، وبالأمس قبل المسؤولية كان يذمها ويفضحها. مع توليه المنصب تحول لذات النموذج الذي ينتقده، وبالأمس القريب كان يتكلم عن الفضائل التي كان يفترض أن تحميه من الفساد.

من الطبيعي بل من المشروع أن يتغير مظهر الفرد عند وجود النعمة، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

 أما أن يدعي فهما لكل شيء، ويرفض المشاركة، وأنت لا تفهم شيئاً، وأن يتغير سلوكه من سلوك فطري وهبه الله إياه، أو سلوكاً مكتسباً هداه الله بالتعلم به، إلى سلوك مصطنع متكلّف كاذب، فينكر بيئته الأولى، وزملاءه السابقين، وحوارييه الحقيقيين، ويقبل على الطغيان، ويسيء استغلال السلطة، حتى ولو تضمنت مخالفات أخلاقية ودينية، وأن يخرج من حيّه ومحلّه الأول، الذي عاش فيه كل هذه السنين، وبيته الأول الذي قضى فيه نصف عمره، فيتخذ حيّا وحارة جديدة، وشرذمة قليلة من الزملاء، لا تجمعهم غير المصالح... وبعد ذهاب المنصب وفقدانه تجده عائداً إلى طبيعته الأولى، وإلى حياته السابقة، فهذه صنمية المنصب وعبادته، وليس من الإدارة ولا من القيادة.

هناك من يتغير بعد المنصب لأنه يتهرب من السؤال، فكلما يرتفع منصبك الإداري كثرت عليك الطلبات من قبل الغير، وهذا شيء طبيعي، لكن الرّجولة وقوة الشّكيمة تكمن في العيش مع الصراحة، والقول للآخر أستطيع هذا أو لا أستطيع، أما التهرب والمماطلة في التأدية، وتكييل الأكاذيب والعهود الكاذبة فليس لها أصل وليست من الإدارة.

وهناك من يتغير لأنه يعتقد أن هذه من مستحقات المنصب، ومما لا مفر منه عند الحصول عليه، ويجب أن يتقاضاه فوراً، وهذا جهل وبداوة، وهي عقلية الأعراب عند الانتقال من البداوة إلى المدنية، وأصلها الشعور بالنقص وعدم الثقة والضعف في البنية النفسية.

وهناك من يتغير لأن هذه حقيقته، حيث يعتقد البعض أن المكانة لا تغير الإنسان وإنما تظهر حقيقته، وبالمنصب يعرف الإنسان.

 الرد على الهاتف خلال الاجتماع الرد على الهاتف أثناء الاجتماع يعني أنك لا تعير أي اهتمام لمن هو أمامك، ويدل بكل تأكيد على قلة الاحترام لمن حولك، كما يشتت الانتباه ويقلل من الاحترافية وقد يعيق سير الاجتماع. وهو سلوك بدوي غير لائق، لا يفتخر به إلا حديثو العهد من الريف، أو حديثو العهد بالعمل الإداري.

 ومن الغريب أن البعض يعتبر ذلك سلوكاً مدنياً، فيرد على جميع الاتصالات ليظهر للآخرين أن مهامه كثيرة ومتعددة. والأكثر غرابة أن تراه يستأذن من الاجتماع، فيخرج من غرفة الاجتماع، ويغيب دقائق، ثم يعود، ومن الممكن أن يتكرر منه هذا السلوك أكثر من مرة خلال الاجتماع الواحد.

إن الأشخاص الذين يتفحصون هواتفهم المحمولة من وقت لآخر أثناء الاجتماعات، سواء كانوا رؤساء أو مرؤوسين، هم الذين يخرجون هواتفهم خلال اجتماعات العمل أو اللقاءات الثنائية.

لكن الذي قد لا ننتبه إليه هو أن هذا السلوك يبعث رسالة للآخرين مفادها: أنت لست مهماً بالنسبة لي.

 إن القول أثناء الاجتماع: العفو منكم، بعد إذنكم، ما عليش يا جماعة، اسمحوا لي... من أجل الرد على الهاتف وبصورة متكررة، سلوك متخلف في بيئة العمل الإداري، بل ليس من الإدارة، ومردوده سيئ للغاية بالنسبة للمجتمعين أو المشاركين في الاجتماع.

ولهذا، من الأفضل عدم اصطحاب الجوال في الاجتماعات الرسمية، أو وضعه على وضع الصامت، أو إيقافه تماماً خلال الاجتماع.

وإن كان هناك اتصال ضروري لا بد منه، وكنت على موعد معه، يفضل في هذه الحالة أن يكون الحاضرون على علم بذلك، حتى لا يكون هناك تشتيت في الأفكار المطروحة في الاجتماع.

كما يفضل أيضاً عدم اصطحاب الجوال في أي مكان يحتاج إلى هدوء مثل: المساجد والمستشفيات والأماكن العامة... علماً بأنه ليس من الضروري الرد على الجوال في كل الأوقات، فهناك أوقات يمنع الرد عليها كأثناء قيادة السيارة إلا في حالة الضرورة القصوى... لا ننكر أن هناك بعض الاستثناءات التي تتطلب من المدير أن يخرج على وجه السرعة ويرد على الهاتف أو يراجع رسالة مهمة وصلته تواً، ويفضل في مثل هذه الحالة التحرك نحو الباب والوقوف بجانبه ثم الرد على الهاتف بطريقة غير مزعجة للجالسين ولأقل وقت ممكن.

 

بقلم د. عثمان فريد، أستاذ جامعي في الإدارة