لكل كاتب ذائقة جمالية شاملة، تبعث في نفسه الزهو والرعش الجماليّ؛ فتستفزّ فيه مكامن الابداع.. أنت يا أملي بالنسبة لي هذه الذائقة وذاكرة الجمال، والذي بدونه أفقد الاهتمام بما حولي، تأملا وتذوقا.. لأنكـ أنت الشريكة التي تتم بها الشراكة الجماليـة.
نحن البشر - يا حبيبتي-نشتكي من الآخرين: نشكو انشغالهم؛ غيابهم عنا أو حتى اختفاؤهم فنعتب عليهم؛ دون البحث في أسباب التغيّب أو الاختفاء: هل تغيرت مواقع الود في قلوبهم أم في قلوبنا، وهل تغيرتْ أولوياتهم أم ألوياتنا...؟! لو فتشنا في أسباب الغياب، سنكتشف أننا جزءٌ مهم فيما يحدث ويطرأ في العلاقات، حيث أننا نغيب ونتغير بحسب تغير مواقعنا الاجتماعية وما يترتب عليها من مسؤوليات.
حبيبتي أمــــل، لا يعبر كل الحضور عن الحب وإنما يكون من وفرة الفراغ؛ فقيمة الحضور تتحدد في توقيت الحضور رغم ندرة ومحدودية الوقت؛ وستجد يا أملي أن الحاضرون دائما يتغيبون عندما يكون للحضور قيمة؛ حيث انشغالك حينئذ يُعدِم الفراغ عندكـِ وبالتالي هم في طرف آخر مع من يمتلك وفرة من الزمن؛ أي دائمو الحضور لا يحضرون في أهم لحظات حياتكـ. قبل (1أغسطس) كنت موقنا يقين الجاهل بأنني رجل حر طليق الفكر عقلانيّ لا يرتكب الحماقات الاجتماعية لدرجة أني قررت (ألا أرتكب حماقة الزواج) في نظري كل من كان يفكر في الزواج إنسان تخلى عن العقل والحرية.
وبعد (393) يوما حبيبتي وأملي: أعترف بكامل قدراتي العقلية قبل العاطفية بأنني لم أذق للحياة معنىً إلا بجواركـ وفي سكنكـ، وما كنت أظنها حرية لم تكن سوى حرية مقيدة تتحكم بها نفس أمّارة بالسوء.. بين يديك تعلمت أن الزواج حرية واستقلال عن (الأنا) المتضخم.
الحياة قبل (1أغسطس)كانت كأوراق مبعثرة في أرشيف حكومي ضيق، أو كأغنية معدوم إيقاعها.. وبعد (1أغسطس) صارت كجنة عرضها السموات والأرض؛ حياة غير آسنة: خالية من الكراهية والحقد؛ حياة الرضا والطمأنينة... المودة والرحمة.
علمتني أن الحرية هي أن نهب القلب لمن يستحقه، وأن العقلانية ليست في التخلي عن الحب، بل اكتمال العقل فيه وينضج الإنسان. _______ حبيبتي ويا أملــي تكتمل فرحتنا بولادة أغلى إنسان في حياتنا.. إنه ثمرة حبنا. شكرا؛ لأنك جعلت لحبنا حياة كاملة.. هو خليفتنا وأنتِ أساس هذا العشق الذي لن ينتهي؛ من لحظة ولادته أصبح لنا روح ثالثة وقلب ثالث وحياة ستمتد بعضنا؛ إنه أثرنا الذي سيبقى.
النّجاح الحقيقي يا أملي لا يقاس بالوصول، وإنما في اختياراتنا نحو النجاح، وخاصة من يستخلصه القلب رفيقا في هذا الطريق. حبيبتي أمل أقسم أن قلبي لم يعرف النبض الصادق إلا في قربكـ، وروحي لم تجد سكنا إلا في موطنكـ.
بقلم الكاتب والقاص / حمد موسي