الحكم من خلال نتائج مستعصية عندما يراد للإنسان أن يفشل، يتم إعطاؤه مهاما قد لا يستطيع التحكم فيها، وإن كان معروفًا في حياته العامة بالعمل الجاد والمثمر.

وهذه إحدى الطرق المستخدمة غالبًا في المجال السياسي، فالإنسان الصالح القادر غير مرغوب فيه في العالم الذي نعيشه، ولهذا يُعمل له ألف عملية للتخلص منه وإبعاده فورًا. مع أن المعروف في علم الإدارة هو تقويم سلوك المخطئ الخارج عن خطة العمل، ولا يكون الإبعاد النهائي إلا في الخطوة الأخيرة، في حالة إذا تعذر تقويم سلوكه.

المفروض هو أن تحاسب الإنسان على مهام هو قادر على إنفاذها، ولديه كل الأدوات التي تعينه في تحقيق الهدف، من إمكانات وفرص متاحة.

 أما أن تحمله مسؤولية تفوق قدراته العلمية، الفكرية، المادية... بنية الإفشال المسبق وللتخلص منه، فهذا ليس من الإدارة ولا يندرج تحت اختصاصاتها.

وعملية الحكم على الآخر من خلال نتائج مستعصية هي عملية يستخدمها كل رافض.

 فحتى البنت عند رفضها لزواج شاب ما تختلق أمامه طلبات تكاد تكون مستحيلة لديه حسب قدراته المتاحة، وهذه كلها بنية إفشال الشاب فقط وعدم تقدمه لها.

 فهي عملية جاهزة وسهلة الاستعمال عند كل ضعيف وفاقد للحجة. ولهذا، أنت كمدير لا تحكم على رجالك في المؤسسة من خلال أحداث وليت عليهم أمرها وهم لا يملكون السيطرة عليها وأنت على علم بذلك.

عليك أن تحدد لهم أهدافًا واقعية قابلة للتحقيق، ثم توفر لهم الدعم والموارد اللازمة لتحقيق النتيجة المطلوبة منهم، مع التواصل معهم بشكل فعّال أثناء تأديتهم للمهام وتقديم التوجيهات والملاحظات البناءة.

 حتى إذا جاء زمن التقييم، وجب تقييمهم بشكل عادل ومنصف، مع مراعاة الظروف والتحديات التي قد واجهوها خلال قيامهم بالمهمة الموكلة لهم.

التفرد بالرأي عند اتخاذ القرار كلنا نعلم أن استخفاف عقول الآخرين من صفات القائد أو المدير المستبد المتفرد أو المتعجب برأيه «فاستخف قومه فأطاعوه».

واستخفاف العقول تعني أن تستجهل أو تستصغر بها، فتطيعك على كل شيء دون سؤال أو نقاش.

 وهذه ليست من صفات قائد أو مدير هذا الزمان، فلم يعد هناك أناس أو موظفون تناسبهم هذه النوعية من القيادة، وإن وجدوا ففي حدود مؤسسية ضيقة جدًا.

إن عدم تقبل الرأي الآخر نوع من التعصب أو الحقد أو التكبر والاستعلاء، ويهدم أكثر مما يبني، ويقتل الحلم أكثر مما يولد الإبداع.

وسببه إما حالة نفسية، كأن يشعر بغضب وضيق عندما يسمع رأيًا مخالفًا، أو سببها جهل عن الإدارة وعدم الوعي بمبادئها الأساسية، حيث يحسب صاحبها أن هذه من الإدارة، أو لم يتعود على سماع رأي يخالفه.

وقد يكون في عدم تقبل رأي الطرف الآخر مصلحة خاصة، تجبر المسؤول على ألا يتقبل الرأي الآخر. وقد يكون مرجع السبب طائفيًا، فالانتماء إلى طائفة أو إلى حزب أو جماعة معينة يسبب في الغالب التجاهل عن الرأي الآخر، وهذا هو ما تعانيه في النهاية الأحزاب السياسية المتحالفة عند اتخاذها لقرار سياسي ما.

حتى تضمن كمدير ناجح صواب رأيك قبل اتخاذ أي قرار، عليك المشاورة مع أهل العلم والخبرة والمعرفة في المؤسسة نفسها، من خلال عرض أو طرح رأيك كعضو في الجلسة وليس كمسيطر على قراراتها.

وحاول أن تستمع جيدًا لوجهات النظر المختلفة، فالاستماع إلى الآخر مراعيًا آداب الخلاف يقوي بل يرفع قيمتك عند الجميع، وليس العكس كما يفهمها بعض المتدربين.

 أما قولك أثناء الجلسة بأن هذا تخصصي، أو أنا أدراكم في الموضوع، وكذلك مقاطعة الطرف الآخر أثناء حديثه، في حالة إذا رأيت أنه يخالف رأيك، فهذه وغيرها ليست من القيادة وليس من الإدارة.

إذا أردت أن تترك بصمة بعدك في المؤسسة، فضع نظمًا وقوانين ولوائح بمساعدة متخصصين فيها، ثم كن كبيرًا مع نفسك وابتعد عن التدخل في صغائر الأمور، فالأنظمة والقوانين ستقوم بكل مهمة عنك.

 

 بقلم د. عثمان فريد، أستاذ جامعي في الإدارة