الزلزال- وقانا الله وإياكم- هو كارثة طبيعية تحدث بأمر الله، قد تكون تأديبا وقد تكون غضبا ..فإما أن تكون تأديبا للناس لأخذ العبرة والعظة، أو تكون غضبا من الله يراد منه أيضا العبرة ومراجعة حسابات ألأنفس.
والزلزال الذي حدث مؤخرا في هايتي يعد كارثة كبيرة حيث قضى تقريبا على ثلث سكانها أي مائتي مواطن وحول عاصمتها إلى أكوام من ركام، وحيال هذه الكارثة لابد من التضامن من قبل العالم كله لمحاولة إعادة إعمار هذا البلد الصغير والفقير..
وكما شاهدنا هبت دول الغرب وإسرائيل وفي مقدمتهم أمريكا وبسرعة البرق لمساعدة هايتي وتبرعوا بملايين الدولارات ناهيك عن الحشود من الجنود وفرق الإنقاذ للمساعدة في الكارثة والبحث عن الجثث، وهذا شيء مطلوب وجيد، ولكن هناك أسئلة كثيرة تفرض نفسها في مثل هذا الموقف.. لماذا توجه دول الغرب وأمريكا مساعداتها إلى المنكوبين في حال الكوارث الطبيعية فقط مثلما حدث في هايتي، بينما لا تواجه أي بوادر رحمة أو شفقة أو إنسانية للمدنيين المغلوبين على أمرهم في قطاع غزة؟.. لماذا تهرع هذه الدول بعد كل زلزال وتسابق الزمن للوصول إلى الأماكن المنكوبة، وتقدم المساعدات تحت رايات التلاحم الإنساني وزفرات الألم والحزن ولا تلين قلوبهم لضحايا عدوان وحصارغزة؟..
لماذا تحاول إسرائيل ودول الغرب حرمان الموطنين في قطاع غزة من الحياة في حين هم أنفسهم يقدمونها مجانا لضحايا زلزال هايتي باسم الخيار الإنساني ؟.. هل الإنسانية تتجزأ؟..هل أطفال غزة لا يختلفون عن غيرهم بحق الحياة والبقاء؟. لماذا يتجاهل العالم تقارير الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تتحدث عن الخطر الذي يمثله الحصار المتواصل على صحة مليون وأربعمائة ألف فلسطيني في قطاع غزة..
أم أن القضية هي كما يقول المثل "مصائب قوم عند قوم فوائد" والذي يقودنا إلى أن نقول اليوم "كارثة قوم عند قوم فوائد" وزلزال شعب عند شعب فوائد، لأننا نرى أكثر من دولة تعرف وتجيد كيف تقطف ثمار هذه النكبات،بعد كل زلزال أو كارثة تظهر هذه ألأيادي محملة بالعقاقير الطبية وعبوات الأغذية..
لسنا ضد الدعم والمساعدات الإنسانية فنحن نمتلئ بالحزن والرحمة والشفقة على ضحايا زلزال هايتي وكل الضحايا الإنسانية، ولكننا نريد كما تدعو إليه جميع الأديان السماوية إلى الوضوح والمساواة عند التعامل في كل أمور الحياة وهي التي تؤدي إلى المصداقية والعدل والمساواة في كل شي..

فيصل مختار
Minnesota, USA